أشخاص لا يعرفون الكويت مثلنا
قبل شهر من الآن كنت أعد العدة لآتي إلى القارة الأسترالية، وفي اعتقادي أننا ذلك البلد الغني المعروف في جميع أقطار العالم, فمساعداتنا وصلت إلى أقاصي الأرض, و"طنازتنا" على كل أصناف البشر لم تأت من فراغ إلا لأننا الأفضل, وأموالنا حملتنا إلى لكل بقاع الأرض من قبل، فلابد أننا كنا خير سفراء لبلداننا, ولكن كلما سألني أحدهم هنا: من أين أنت؟ فأجيبهم بفخر من الكويت، كان رده ما هذه الدولة؟ أين تقع؟ تسير في تلك الناحية من الشارع امرأة منقبة, وأنا أنظر إلى من حولها, هل هناك من "يحش" فيها؟ هل هناك من يضحك على زيها؟ فلا أجد, ومقابلها تلك الكاسية العارية، فصرت أنظر إلى الشباب ممن يقفون معها على الإشارة, هل هناك من يتحرش بها أو من يرمي ورقة سجل عليها رقمه؟ تدخل أي محل من المحال يتم الترحيب بك عند الدخول، وشكرك عند الخروج، عربيا كنت أم آسيويا أم إفريقيا.عندما يصدمك أحدهم أو يكاد يصدمك يهم بالاعتذار قبلك، فقيرا كنت أو غنيا، مسلما أو تضع الصليب، تضع وشما أو تعتليك إحدى قصات الشعر الغريبة، تدرس الدكتوراه أو تعمل بوظيفة محترمة، فالتعامل هنا على ما تقدمه لا على ما تبدو عليه، وبحثت عن أحد يعمل هنا لا يبتسم كي أتهم الكفار والملحدين والزنادقة بعلة ما, فلم أجد.
في هذه البلاد استغربت أن الأغلبية العظمى لا تعرف الكويت, لكنهم يعرفون العراق لحروبه والسعودية لتشددها وإيران لتطرفها ودبي لتطورها، وبعضهم يعرف قطر لأحداثها واستضافاتها، لكن الكويت أين تقع؟ كيف نريدهم أن يعرفونا، ونحن لا نعرفها, فبعد 51 عاما على الاستقلال مازلنا لا نعرف بعضنا كشعب، فنتهم بعضنا بالعمالة إما سرا وإما علانية, وننسب التهم إلى بعضنا باختلاف الولاءات، ونجد لأصواتنا صدى عند الجاهلين والتافهين والأغبياء؟كيف يعرفوننا ونحن لم نعرف كيف نطور هذه الأرض ومن عليها؟ كيف يعرفوننا ونحن لم نعرف بعضنا بعضا إلا بألقاب الصفوي والمجوسي والرافضي والناصبي والوهابي؟ وكيف يعرفوننا ومشاريعنا لا تتم وإن تمت فإنها تسرق؟الشيء الذي من الممكن أن نعرف أنفسنا فيه هو البترول، وفيه من التجاوزات والسرقات ما يندى له الجبين, وديمقراطية تتضمن مجلسا منتخبا من قبل الشعب, ويطالب البعض بإلغائه لأن "ما وراه إلا المشاكل", وحريات شخصية وحرية اعتقاد، الأولى بدأ نوابنا بمحاولة هدمها من خلال منع الكنائس والأخرى في طور الإلغاء من خلال قوانين منع الاختلاط والحفلات والمسموع والمرئي والرياضة النسائية ولجنة الظواهر السلبية، فكيف يعرفوننا ونحن لا نريد أن نعرف أنفسنا؟