عمت المظاهرات العالم. الهدف هو الاحتجاج على "القسوة" و"الاستهتار" و"الانتهاك" و"التمييز" و"الاستحواذ" الذي تمارسه السلطات الغربية بالأساس وتتواطأ معها سلطات الشرق.

Ad

الشعار الرئيس المرفوع هو "نحن 99 في المئة" إشارة إلى حالة الاستلاب السائدة في المجتمعات الغربية والحاجة الماسة إلى إجراء إصلاحات بنيوية في جسد الديمقراطية المترهل.

وهكذا أصبحت حديقة زوكوتي في قلب منهاتن بنيويورك رمزاً للاحتجاج، وانطلقت حملة "احتلوا وول ستريت" لتتحول إلى حراك شعبي جماهيري جارف في العديد من مدن العالم الغربي.

هل هي نسخة جديدة من حركة مناهضة العولمة؟ هل هي ظاهرة عابرة؟ ستنتهي وتتبخر مثلها مثل حركات اجتماعية شعبية سابقة؟ لا يبدو ذلك، بل إن "الكتابات على الجدران" كلها تشير إلى اتجاه أن هناك معضلة هيكلية في النظام الرأسمالي في حاجة إلى إصلاحات هيكلية لمنع تكرار حالة الانحياز المتكرر لنسبة الـ1 في المئة من المجتمع.

خلافاً لشعار "نحن 99 في المئة" برزت جملة من الشعارات ذات الدلالة في الموضوع، خذ مثلاً الشعار التالي: "لا نعتنق مواقف سياسية، نريد فقط إنهاء الفساد في حكومات العالم" بما في ذلك طبعاً الفساد عندنا، خذ أيضاً شعاراً آخر "يحدث التسلط عندما يخاف الناس من الحكومة، أما عندما تخاف الحكومة من الناس فإن ذلك يعني الحرية" شعاران تسيدا مسار تفكير ومنهج ورؤية.

كان للربيع العربي في ذلك الحراك الغربي نجم ساطع، فقد رفع المتظاهرون شعارات مكثفة لا تخطئها العين حول استلهام ذلك الحراك الغربي رؤيته من الربيع العربي.

حتى أكتوبر السنة الفائتة لم يكن أحد يتخيل حدوث حراك شعبي عربي يهز أركان أنظمة راسخة في دكتاتوريتها وقمعيتها، أما الآن فقد أصبح ذلك تاريخاً يشكل مستقبلاً. دع عنك أن نتخيل أن نعيش زمناً يصبح فيه الحراك العربي ملهماً لحراك عالمي غربي، ذلك أخرجنا من دائرة الخيال إلى دائرة الأساطير.

خلاصة القول هي أن العالم كله دون استثناء يعيش أزمة أخلاقية كبرى، لم يتمكن الغرب بكل إسهاماته العلمية العظيمة من علاجها، كما لم يتمكن الشرق بكل ما لديه من خزين روحي هائل من حلها، ولربما تكون هذه صرخة لكي يبدأ البشر بمسار جديد، من يدري، لعل وعسى.