ارحموا عزيز قوم ذل
![عفاف فؤاد البدر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472833350355951700/1472833364000/1280x960.jpg)
ولو قارنا ذلك بمعلمنا لوجدناه مشتتاً بين كومة من الأعمال؛ ففي مجال التدريس يشرف ويراقب ويناوب ويعد الدروس النموذجية والاختبارات، ويصحح لكل طالب من ثلاثة إلى أربعة دفاتر (وعليكم الحساب في عدد الطلبة). هذا فضلا عن الأعمال الإدارية؛ يعمل كمندوب للإدارة، وأحياناً يقوده العمل إلى تبديل "سيراميك" بيت الناظر، وتغيير زيت سيارة الوكيل ودهانها، كل ذلك وغيره من الأعمال، فهو مأمور من أجل التقرير. وفي بعض الأحيان يقوم بـ"أعمال إضافية" في حالة إضراب العاملين أو العاملات، ورغم كل هذه الأعمال يتقاضى راتباً زهيداً يحسد عليه وعلى الإجازة التي تعتبر كالمتنفس للسجين عندما يسرّح من سجنه مقابل حسن سيره وسلوكه.وبعد كل هذه المعاناة التي يلاقيها المعلم في موسمه الدراسي يُطالب بتخريج مخرجات تعليمية من الطراز الأول! فكيف له أن يسهم بعصارة فكره في تسليم المجتمع مخرجات نابضة بالعلم والفكر والثقة والطموح، وهو مهدد مادياً ومحمل بأعباء نفسية وبدنية وذهنية لا تطاق؟! لذا تجده يصارع بين تأمين لقمة عيش شريفة لمستقبل أولاده وعائلته وضغوط عمل خانقة لا يقوى على ملاحقتها، وتؤثر حتماً على عطائه.والمفارقة أنه حينما تلوح في الأفق بارقة أمل في تعديل وضعه، يأتي عدد من النواب ليقطعوا الطريق أمام تحقيقه، بالانسحاب خلسة من المجلس لئلا يدلون برأيهم في حق ذلك المعلم المضطهد والمغلوب على أمره... في حين نرى الجميع يتكالب على وزارات أخرى يندر فيها العمل وتثقل فيها الرواتب... "اللهم لا حسد". فيا من خذلتم كل معلم ومعلمة، وسرقتم البسمة من شفاههم لا يتبقى سوى مقولة حق "ارحموا عزيز قوم ذلّ"... وأقولها لكل مَن ملك ناصية الرأي وحمل الأمانة بأن يراعي الله فيها ويؤتي كل ذي حق حقه.