من يربح الكرسي الذهبي؟

نشر في 26-12-2011
آخر تحديث 26-12-2011 | 00:01
 د. بدر الديحاني يلاحظ المتابع للشأن السياسي كثرة عدد المرشحين لانتخابات مجلس الأمة رغم أن أغلبهم ليس له أو لها أي اهتمام بالشأنين السياسي والعام، ولا يعرفون طبيعتهما أو كيفية ممارستهما، فما الذي يجعل من كان منشغلا في شؤون حياته الخاصة أو من كان غارقا حتى أذنيه في جمع المال بأي طريقة كانت يصبح فجأة "سياسيا" يريد الوصول إلى مجلس الأمة؟

وما الذي يجعل البعض يستغل العمل العام (الجمعيات التعاونية، النوادي الرياضية، منظمات المجتمع المدني، المجلس البلدي، النقابات العمالية واتحادت الطلبة) بعد أن يصل إلى قيادته بأي طريقة كجسر للعبور لعضوية مجلس الأمة؟ وما الذي يجعل كل هؤلاء يكررون المحاولة تلو الأخرى (بعضهم ظل يحاول لأكثر من عقدين من الزمن) للوصول إلى مجلس الأمة؟

لابد أن في الأمر شيئاً لا علاقة له بالخدمة العامة! فما هو، يا ترى، السبب الذي يجعل غير المؤهلين للعمل العام أو العمل السياسي يقدمون على الترشح لمجلس الأمة رغم التكلفة المالية الباهظة والمشقة المادية والجسدية والنفسية للحملة الانتخابية؟

من الواضح أن السبب الرئيس هنا هو البحث عن السلطة، وما يرافقها من وجاهة اجتماعية ونفوذ سياسي من الممكن أن يؤديا إلى الإثراء السريع والفاحش، حيث أصبح مجلس الأمة، مع كل أسف، مكانا مناسبا لتضخم الأرصدة البنكية سواء نقداً كما حصل في قضية "الإيداعات المليونية" أو من خلال المناقصات المشبوهة التي يرد ذكرها دائما في تقارير ديوان المحاسبة لكن لا يلتفت إليها أحد.

ومما لا شك فيه ولا ريب أن هذه الظاهرة غير الصحية المتمثلة بتقاتل غير المؤهلين على الوصول إلى "الكرسي الذهبي" التي تتكرر في كل انتخابات برلمانية هي أحد أعراض عدم تنظيم العمل السياسي على أسس وبرامج وطنية صحيحة، وهو الأمر الذي من المفروض أن يكون من أولويات الإصلاح السياسي الملح، حيث إن استمرار الوضع الحالي سيحول "المعركة" الانتخابية، إن لم يكن قد حولها بعد، إلى استعراضات كلامية فارغة لا يترتب عليها سوى تدمير العقول وتلويث البيئة أيضا؛ بدلا من الاستفادة من وقت الانتخابات في النقاش الجماعي حول تحديات الحاضر والمستقبل والتنافس بين المرشحين حول طرق حل المشاكل العامة التي يعانيها المجتمع.

***

نافذة:

مرة أخرى ما دامت الحكومة تتحدث عن شفافية الانتخابات ونزاهتها فلماذا لا تبين للرأي العام بشكل شفاف ماذا ستعمل لوقف استخدام المال السياسي في الحملات الانتخابية، خصوصا أن القانون الحالي لا يحمي المبلغ؟ ثم لماذا لا تحدد سقفا أعلى للصرف على الحملات الانتخابية؟ وهل تعرف مصادر تمويل المرشحين؟ أليس من الممكن، في ظل غياب رقابة فاعلة، أن يكون التمويل خارجيا "غسيل أموال" أو "رشوة سياسية" خصوصا أن موضوع "الإيداعات والتحويلات المليونية" لا يزال حاضرا وبقوة؟

back to top