استخدم البعض كل الوسائل للوصول إلى أهدافه أو لتغطية أفعاله مقابل التضحية بجزء كبير من أبناء الوطن واتهامهم بما ليس فيهم، بل فرزهم طائفياً وقبلياً وطبقياً لتنفيذ أجندات خاصة قد تخدمهم لفترة قصيرة لا لوقت طويل، فالكويت ستنهض في وجه كل من أراد بها سوءاً... وهذا إيماني.

Ad

قبل أن أمضي قدماً في كتابة المقال أحببت أن أذكر بعض التعريفات لمفهوم الوحدة الوطنية لمجموعة من الباحثين كمدخل علمي يحدد الاتجاه نحو إمكانية إنشاء هيئة لقانون الوحدة الوطنية، وهل هناك حاجة فعلية إلى مثل هذا القانون من عدمه؟

من هذه التعريفات التي وجدتها كانت للباحث سليمان الطماوي "أن الوطنية هي انتماء الإنسان إلى دولة معينة، يحمل جنسيتها ويدين بالولاء إليها، على اعتبار أن الدولة ما هي سوى جماعة من الناس تستقر في إقليم محدد وتخضع لحكومة منظمة"، أما رأي الباحث عبدالعزيز رفاعي "فهي تعني حب الوطن بسبب طول الانتماء إليه"، أما عند الفيلسوف أنغل "فهي نوع من التكامل التفاعلي المستمد من علاقات التأثير والتأثر المتبادل بين الفرد والجماعة التي ينتمي إليها، وبين بعض الجماعات مع بعضها الآخر، والمستمد من كل ما من شأنه أن يزيد من تماسك الأفراد والجماعات ويدعم تضامنهم الداخلي". انتهى.

الملاحظ لهذه التعريفات يجد أنها تدور حول مفهوم علاقة الفرد مع المحيط الذي يعيش فيه لدعم الوحدة الوطنية والتفاني في خدمة المجتمع بدافع الحب الوطني.

هذا العنوان لم أظن يوماً أنني سأكتب عنه كقانون أو أن يطرحه أي من أبناء الكويت، وفي مجتمع عُرف عن أبنائه حبهم وعشقهم له، وينطق اللغة العربية وتدين أغلبيته العظمى بالدين الإسلامي، ومترابط ومتداخل أسرياً، وفوق هذا وذاك كان حاضراً ومضحياً بالغالي والنفيس لصد الأخطار الخارجية التي واجهته على مر الزمن، وهو نفس الذي لم يستطع أحد تمزيق وحدته الوطنية من الخارج حتى جاء الزمان بعجائبه ليظهر لنا مجموعة من أبنائه الذين خرجوا من رحمه؛ همهم تفتيته لأغراض آنية مدفوعة الثمن.

قال الله تعالى: "وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ". (سورة يوسف- الآية 20)، هذه الآية توضح لنا ما قد يصيب الإنسان من فقدان للبصيرة عندما يمتلئ قلبه بالغيرة، فها هم إخوة يوسف تآمروا على أخيهم لا لشيء إلا لحب أبيهم له، لكنها سنة الأولين تتغير الأحداث والزمن ليبقى المشهد واحداً حتى إن اختلفت الدوافع والأثمان.

ما يفعله البعض هذه الأيام ليس ببعيد عن المعنى العام للآية الكريمة، فقد استخدم البعض كل الوسائل للوصول إلى أهدافه أو لتغطية أفعاله مقابل التضحية بجزء كبير من أبناء الوطن واتهامهم بما ليس فيهم، بل فرزهم طائفياً وقبلياً وطبقياً لتنفيذ أجندات خاصة قد تخدمهم لفترة قصيرة لا لوقت طويل، فالكويت ستنهض في وجه كل من أراد بها سوءاً... وهذا إيماني.

اليوم شُكلت الحكومة واختار المجلس رئيسه، وهذا الأمر قد نتفق عليه أو نختلف، لكن أن تستخدم مكونات المجتمع لنفس الأغراض فهو مرفوض، وهو ما نريد أن نوقفه عند حده، فجاري وزميلي وصديقي سنّي وشيعي وقبلي وحضري، وهم كلهم إخواني ولا يسعني أن أفرط بأي منهم، ولن أسمح لأحد أن يتكلم عنهم أو ينالهم بسوء... ودمتم سالمين.