الإخوان والتجربة التركية
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
الجانب الذي نرى أن الحركة الإسلامية ستعمل على الاقتصاص منه ولو ببطء هو الجانب الثقافي، وتوقعنا هذا يعتمد على أدبيات الحركة الإسلامية وطرحها المناوئ للحريات الإبداعية وخلافها الدائم، وأحياناً حروبها، مع حرية البحث والإبداع. فالجانب الثقافي لا يشكل هاجساً اقتصادياً أو استثمارياً وهو صراع داخلي بالدرجة الأولى بين المثقف ورجل الدين سيتغلب فيه صاحب السلطة دون شك. مصر ثقافياً ليست بلدة صغيرة من بلداتنا العربية وإنما هي قلب الحركة الإبداعية، وتشكل القاهرة مخزوننا الثقافي كتابة وفناً وسينما، واختلال هذه الريادة هو ردة كبرى للحركة الثقافية العربية التي قد تؤدي الى هجرة كبيرة لرموز هذه الحركة تحت ضغط السياسة الجديدة. والذي يلومنا في هواجسنا هذه نستطيع تذكيره بفرج فودة وحامد أبوزيد وسكين في رقبة شيخ الروائيين نجيب محفوظ، ويومها لم تكن السلطة بيد حركة الإسلاميين. الحركات الإسلامية لها رموز في السياسة والاقتصاد ورجال التكنوقراط، ولكنها منذ نشأتها افتقدت رموز الأدب والسينما والفن، وحاولت دائماً أن تعترض الحراك الثقافي مستخدمة مفهومها الخاص ورؤيتها الذاتية في الطرح الإبداعي. وإذا أرادت الحركات الإسلامية اتباع النهج التركي وتقديم أطروحاتها الاقتصادية والسياسية في الجولة الأولى التي كسبتها بالتأكيد فعليها أن تمارس ذات النهج حين يتعلق الأمر بالمشروع الثقافي. والمشروع الثقافي هنا هو كل ما يتعلق بالعمل الإبداعي للإنسان. ومرة أخرى نذكر الحركة الإسلامية بأنها جاءت للسلطة باختيار الشعب، وعليها أن تؤمن بأن الشعب يمتلك الحق في الحكم على أدائها، وبإمكانه أن يقصيها كما أدناها. نقول ذلك لأن مجموعة من رموزها كانت ترى في الديمقراطية خروجاً على نهجها الديني حتى أن أحد هذه الرموز كان يتهم الديمقراطية بأنها سبب الشذوذ. قلقنا على مصر لا يعني عدم إيماننا بقدرة شبابها على إعادة كل شيء إلى المربع الأول إذا لزم الأمر، ولكنه أيضاً له مبرراته.