استقالة الحكومة لن تنهي الأزمة السياسية ما لم يترتب عليها حل المجلس ومحاكمة المتهمين، ثم تشكيل حكومة جديدة برئاسة جديدة تتبنى برنامج «إنقاذ وطني»، بل إن الاكتفاء باستقالة الحكومة قد يفهم سياسيا بأنه ليس سوى هروب مقصود من مواجهة «استجواب الملايين».
لم يعد خبر استقالة الحكومة مفاجئا لنا ككويتيين، فقد سمعنا ذلك مرات عديدة خلال السنوات القليلة الماضية لكنه لم يحل أزمتنا السياسية بل إنها تتعقد أكثر وأكثر بعد كل استقالة للحكومة وإعادة تشكيلها، فهل ستكون الاستقالة الحالية امتدادا للاستقالات السابقة المكرورة، أم أنها ستكون مختلفة وسيترتب عليها تغيير جوهري في شكل الحكومة الجديدة ومضمونها؟لا أحد يمكنه المغامرة في الجواب عن هذا السؤال، لكن الأمر المؤكد هو أن الظروف والمتغيرات والمستجدات على الساحتين المحلية والعربية لم تعد كما هي قبل عدة أشهر، وهو ما يجعلنا نظن، مجرد ظن وبعض الظن إثم، بأن هذه الاستقالة ستكون مختلفة عما سبقها من استقالات شكلية.وكما خلصنا في المقال السابق فإن الخروج من الأزمة السياسية الحالية يتطلب الحل الفوري للحكومة والمجلس معا ومحاكمة المتهمين من أعضاء السلطتين بقضايا الفساد السياسي والمالي (الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية)، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة جديدة وبرنامج إصلاح سياسي شامل وجذري يهدف إلى تحقيق ديمقراطية حقيقية.والآن، حتى وقت كتابة هذا المقال، فقد تحقق جزء بسيط جدا مما يمكن أن يكون حلا واقعيا لتجاوز الأزمة، وهو استقالة الحكومة، لكن ذلك لن يحقق شيئا يذكر، ولن ينهي الأزمة السياسية ما لم يترتب عليه حل المجلس ومحاكمة المتهمين، ثم تشكيل حكومة جديدة برئاسة جديدة تتبنى برنامج "إنقاذ وطني"، بل إن الاكتفاء باستقالة الحكومة قد يفهم سياسيا بأنه ليس سوى هروب مقصود من مواجهة "استجواب الملايين"، فضلا عن أن ثلث أعضاء مجلس الأمة متهمون في قضيتي "الإيداعات والتحويلات"، وهو ما يعني أننا "لا طبنا ولا غدا الشر".من ناحية أخرى فإن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين المتهمين باقتحام مجلس الأمة سيكون بادرة حسن نية وبداية صحيحة ومطلوبة لإنهاء الأزمة السياسية التي ستستمر ما دام هؤلاء الشباب في السجن؛ لأن استمرار اعتقالهم هو تعبير صارخ عن وجود الأزمة، ناهيكم عن الملاحظات القانونية الجوهرية التي يقولها أهل القانون والتي يأتي في مقدمتها بطلان عملية تحويلهم إلى النيابة العامة، وذلك لتقديمها من غير ذي صفة وهو وزير الداخلية أو الملاحظات المتعلقة بعملية التعسف في تطبيق القانون وانتهاكات حقوق الإنسان التي أشارت إليها منظمات حقوق الإنسان المحلية، وهي "الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان" و"منظمة الحرية لحقوق الإنسان" و"الجمعية الكويتية للمقومات الأساسية لحقوق الإنسان".***نافذة:من يطالب بحل مجلس الأمة بالمخالفة للمادة (107) من الدستور أو ما يسمى إعلاميا "الحل غير الدستوري" فإنه يطالب عمليا بالانقلاب على نظام الحكم الديمقراطي أي "نقض الميثاق"، ومن تكن هذه مطالبه فمن المؤكد أنه لا تهمه مصلحة الوطن ولا استقراره.
مقالات
استقالة الحكومة ليست نهاية المطاف
30-11-2011