ألغِ الاختلاط... وأنقذ يا المليفي الأجيال
يدفع شباب الكويت اليوم ثمناً باهظاً لقرارات اتُّخذت بصلف وعناد وضمن صفقات سياسية حكومية لتثبيت تحالفات ظرفية بائسة، ليقدم حلفاء الحكومة من إخوان مسلمين (حدس) وسلف ترضيات لقواعدهم، يسدد البلد حالياً كلفتها غالياً من مستقبل أبنائه وتطوره ونموه، فذكرى نكبة التعليم العالي في الكويت المتمثلة في يوم 2 يوليو 1996 الذي تم فيه إقرار قانون منع التعليم المشترك (الاختلاط) والتي مرت علينا قبل أسبوعين، وتتواكب سنوياً مع إعلان نتائج اختبارات الثانوية العامة، ليأتي بعد 4 سنوات يوم النكسة التعليمية عندما أقر مجلس الأمة، بتخاذل حكومي أيضاً، منع التعليم المشترك في الجامعات الخاصة في 12 يونيو 2000 لكونه قراراً خطيراً سلب خيارات الأسرة والمواطن في نوعية التعليم الذي يريده لنفسه ولأبنائه. الحدثان يمثلان الضربة القاصمة للتعليم الجامعي والتطبيقي التي يدفع ثمنها آلاف الطلبة اليوم، من الذين لن يجدوا مقاعد لهم للدراسة في الجامعات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى ما يجنيه البلد من خسائر نتيجة ضعف مستوى الخريجين وتأخر تخرجهم بسبب الشُّعب المغلقة ونقص الكوادر الأكاديمية ذات الكفاءات العالية.في يومَي النكبة والنكسة الأكاديمية والتعليمية، وتحديداً في الجلستين المشار إليهما سابقاً، تحدث الحدسيون والسلفيون وبعض النواب القبليين ليبشروا بفجر جديد للحياة الجامعية عنوانه مكارم الأخلاق دون التفات إلى المستوى العلمي عند إقرار القانونين، رغم أنه يمكن تحقيق كلتا الغايتين بالثقة بشبابنا وشاباتنا، ووضع نظام متابعة وإرشاد أخلاقي اجتماعي محكم، الخلاصة أنهم بدعم حكومي نفذوا ما أرادوا وطرحوا في الجلستين أمثلة مجتزأة لا تتناسب مع واقع البلاد، عبر المقارنة مع الجامعات الخليجية بظروفها الاجتماعية المختلفة، وبعض الجامعات النسائية في الغرب التي تتبع مؤسسات كنسية أو محافظة، وهم اليوم يرون نتائج فعلتهم من ضياع مستقبل ألفَي طالب تقريباً لن تقبلهم الجامعة، وكذلك الجامعات الخاصة التي أثقلتها تكلفة ومتطلبات فصل الطلاب عن الطالبات وبدأت تطلب تقليص عدد الطلبة المقبولين في نظام البعثات الداخلية، وكذلك البعثات الخارجية الذي يستقبل 1700 طالب فقط في دولة نفطية تبلغ ميزانيتها أكثر من 19 مليار دينار كويتي!
والمستغرب في وسط هذه القضية الوطنية المحزنة التي تدمي القلب، لأنها تمس شباب البلد، أن كوادر «حدس» في اتحاد الطلبة وأعوانهم من السلفيين وغيرهم يسطرون قانون منع الاختلاط ضمن سجل إنجازاتهم الذهبي!!... ويوهمون البعض بأن المشكلة ستنتهي عند افتتاح الجامعة الجديدة، وهو حقيقة كلام غير دقيق، فالمشكلة ليست قضية سعة مكانية ومقاعد، بل هي معضلة توفير كوادر لإدارة تجهيزات تعليمية متطورة، وهو ما تعانيه حالياً جامعات كبرى حول العالم، فكيف يمكن لجامعة مثل جامعة الكويت أن تتعامل معه في كليات مثل الطب والهندسة والصيدلة... إلخ؟! واللافت أيضاً أن معظم أبناء القيادات الحدسية والسلفية يتلقون تعليمهم في جامعات مختلطة في أميركا وبريطانيا وأستراليا ولبنان! ما يحدث في الكويت في ما يخص قضية التعليم الجامعي والتأهيل ما بعد المرحلة الثانوية العامة، يضعنا في حالة «بلد في خطر» على غرار المصطلح الأميركي «أمة في خطر» خاصة أننا مازلنا نتلمس طريق تحقيق التنمية الشاملة... فهل يتحرك أي مرجع حكومي كبير ليتخذ قرارات تاريخية للتصدي لهذه المشكلة مهما كلف الأمر سياسياً واقتصاديا؟ أو هل يبادر وزير التربية والتعليم العالي أحمد المليفي بطرح إمكانية إصدار مرسوم ضرورة بتجميد قانون منع الاختلاط والمادة الخاصة بمنع التعليم المشترك في قانون الجامعات الخاصة ويضع النواب في دور الانعقاد المقبل أمام مسؤوليتهم التاريخية تجاه كل الأجيال الحالية والمقبلة، سواء أقروه أو رفضوه؟ لأن مستقبل شابات وشباب الكويت أبقى وأثمن من أي صفقات وحسابات سياسية وانتخابية قائمة الآن أو ستنسج في المستقبل. ***بلا شك، إن تفجر قضية القبول في جامعة الكويت في عهد الوزير أحمد المليفي سيمنحه الدفع والقوة لاتخاذ قرارات تاريخية تسجل له، مثل مراجعة قانون منع الاختلاط وخلافه من القوانين التعليمية والقرارات... ولكن يبقى قرار آخر مهم يجب التعامل معه على الفور وهو ضآلة المبلغ المخصص للبعثات الخارجية، والذي لا يتجاوز 40 مليون دينار، والـ1700 مقعد، بينما تجاوزت معظم دول الخليج ذات الفوائض المالية هذه الأرقام بكثير... فهل يسعى الوزير المليفي إلى مضاعفة هذه الميزانية وعدد مقاعد البعثات الخارجية في السنة المالية المقبلة ويبذل جهده لدعم وتوسعة المكاتب الثقافية الخارجية كما فعلت دول مجلس التعاون لاستقبال الأعداد الإضافية من المبتعثين؟