أظن بشبه يقين أن الغالبية العظمى منا بحاجة إلى إعادة تأهيل ليكون صالحاً... للحب!

Ad

الحب حالة وجدانية استثنائية، ورحلة في غياهب المجهول،

وهو لا شك سحرٌ مبين!

إنه أحيانا ليس المشي حافيا على الجمر، ولكنه إدخال الجمر في جوفك، بينما تقفز إبتسامة الرضا لتحتل قلبك قبل شفتيك!

هو القفز من حضن غيمة بلا مظلة...

وهو الوقوف في منتصف سكة قطار سريع مفتوح الذراعين

وهو المحاولة اليائسة في إخفاء عاصفة مطرية في «جيبك»!

أعلم أن الحب ليس بهذه الحدّية الدراماتيكية دائما... لكنه لا يخلو منها أحيانا،

بل إن الجانب السلمي في الحب لا يقل إرباكا عن جانبه العنيف.

فمحاولة الوضوء بشلال الأشعة المنهمر من وجه القمر ليس يسيراً،

ولا أظن غزل الوقت من ألوان أجنحة الفراش كذلك،

لذا نحن بحاجة لتأهيل ما يجعلنا مهيأين لمثل هذا البرق الذي يخترق قلوبنا ويقسمها نصفين.

لا بد من أن تتبنّى جهة ما، جمعية ما، مؤسسة ما، أخوية ما ذلك!

تضم هذه الجهة بين جناحيها نخبة منتقاة بعناية من الأشخاص الذين لهم صلة بحالة الحب: علماء نفس، اجتماع، تربويين، فلكيين، اقتصاديين، خبراء أمن، راصدين جويين...إلخ.

ويقوم هؤلاء بعمل دورات توعوية وتدريبية مكثفة لكل شخص يرغب في الدخول بعلاقة حب، ولن يسمح له بالشروع بذلك إلا بعد أن ينال شهادة مختومة ومصدقة تقول إن هذا الشخص: صالح للحب!

ويصبح لزاما على أي عاشق يصرّح بحبه لمن يعشق أن يُظهر له مسبقا هذه الشهادة، وإلا فليخرس إلى الأبد!

كما يجب ألّا يكتفى بمنح هذه الشهادة للعاشقين، ولكن أيضاً يتم تحديد دورات تنشيطية لهم بين الفينة والأخرى للتأكد من استمرار أهليتهم للحب!

هذه ليست مزحة، هذه حاجة ملحّة تفرضها الضرورة...

العاشق غير المؤهل هو أشبه بآلة دمار متحركة

وقنبلة تسير في الشوارع بلا رقيب

هناك أناس يقتلون باسم الحب،

وهناك من يدمّر حياة شخص آخر تحت رايته،

بعض العشاق يعانون من حالات نفسية مرضية أصلا، فيجدون في الحب متنفساً لها فتعظُم.

وهناك من يعبّر عن سخطه على المجتمع، ورفضه لواقعه عن طريق تعذيب الآخر المرتبط به عاطفياً.

وهناك من يعاني عقدة النقص ويفرغ هذه العقدة جحيما بمن أعطاه كل جوارحه،

وآخر يمارس عقدة الأنا، وغيره مريض بالسادية...

كل هذه العقد وغيرها نخبئها في أعماقنا، ثم نجد في الحب مرتعا خصبا لإظهارها لسبب واحد فقط... هو أن هناك شخصا آخر أحبّنا بصدق!

لذا أعتقد أن على المجتمع واجبا إنسانيا في حماية هذا الشخص من الاستغلال ومن ابتزازعواطفه النقية.

لا يمكن لأي شخص أن يقود سيارة بدون أن يُختبر ويُمنح ترخيصا بالقيادة وذلك حماية لأرواح الإبرياء، فمن يحمي أرواح الأبرياء الآخرين من تهوّر محب، وطيش عاشق؟!

من يضع حدّا لنزيفهم المسفوك على أسفلت الحب؟!

من يراعي حرمة دم مشاعرهم؟!

نحن بحاجة ماسّة فعلا إلى تأهيل عاطفي مكثّف وجاد، لنكون جديرين بالحب وبمن نحُب!