كل مشكلة ولها حل
يقال إن اليابانيين هم أكثر شعوب العالم أكلا للأسماك على اختلاف أنواعها، وإن لديهم مئات الوصفات لتحضير أطباق الطعام البحري، لم أقل "طبخ" لأنه ليس شرطا أن تكون أطباقهم مطبوخة، ولكم في "السوشي" أكبر دليل، وهذا الارتفاع في الذوق قد "سوّد عيشة" الصيادين والموزعين، فالمستهلك الياباني العتيد يستطيع تمييز الطازج من غيره، بالإضافة إلى أنه لا يقبل بأي نوعية. واليابانيون، كما أن لديهم التويوتا والسانيو والباناسونيك، عندهم كل يوم زلزال تقريبا، مما جعل الأسماك تهرب من الشواطئ غير المستقرة إلى أماكن أكثر أمنا، فلا أحد يحب المشاكل... حتى الأسماك. ذهب الشباب خلف الأسماك في عرض البحر وقاموا بتنزيل الشباك "وهات يا صيد"، وبمجرد عرض الصيد في السوق اكتشف المستهلكون أنه قد مر عليه ثلاثة إلى أربعة أيام منذ اصطياده فأحجموا عنه، فحاول المسوقون إقناع المستهلكين بأن أماكن الصيد بعيدة وهذا أفضل ما يمكن تقديمه، ولكن المستهلكين أغمضوا أعينهم التي لا تكاد تنفتح عادة وهزوا رؤوسهم رافضين. فكر الصيادون بطريقة لإيصال الأسماك حية إلى الشواطئ وبالتالي إلى الأسواق، اهتدوا إلى فكرة بناء خزانات كبيرة في مراكب الصيد يوضع فيها السمك حين اصطياده ليصل إلى المستهلك حياً يرزق. قاموا ببناء الخزانات وتوجهوا إلى أماكن الصيد وأكملوا خطتهم وأحضروا السمك الطازج.
المفاجأة أن البيع لم يكن أفضل حالا من الوضع السابق، فذهبوا إلى المستهلكين "شنهو بعد؟ جبنالكم سمك حي"؟ ماذا تريدون يا حبايب؟ المستهلكون ابتسموا من غير أن يظهروا أسنانهم، وقالوا: صحيح أن السمك حي لكنه وصل بحالة خدر شديدة جعلته "يزفر" ولا يكون بحالة الذي يسبح بشكل حر في البحر "خلوا عنا سوالفكم!". باعتقادكم ماذا فعل الصيادون؟ هل قالوا "خلنا نصنع كمبيوترات أحسن؟" طبعا "لأ"، جاؤوا بالإبداع غير المكلف، فليس كل تطوير يحتاج إلى "فلوس"، فجاؤوا بأسماك قرش صغيرة ووضعوها في الخزانات وأدخلوا السمك الذي تم اصطياده عليها، واشتغلت المطاردة الدامية داخل الحوض من مكان الصيد حتى الشاطئ، فوصلت الأسماك ولديها لياقة تمكنها من لعب المباراة والشوطين الإضافيين... و"البلنتيات" بعد.جاء المستهلكون بأذواقهم الصعبة ومواصفاتهم العالية، فقاموا بالشم، وفتحوا الخياشيم، وفحصوا العيون، ومسكوا الجلد، وضغطوا الجوانب، كل شيء سليم، قاموا بتبادل النظرات، رفعوا بصرهم إلى الصيادين "المتخصرين"... "هاه شرايكم؟ فيه شي الحين؟" هزّ المستهلكون رؤوسهم أن "لا"... فرد الصيادون: الآن ستدفعون السعر "اللي يعجبنا".