حرق المخيم الانتخابي للمرشح محمد الجويهل عمل غير مسؤول بحد ذاته، والاحتكام إلى لغة العنف وتنحية حكم القانون وسلطة الدولة جانباً لا يعني سوى الإذعان لقانون الغاب وشريعة الثأر للذات ونفي الدولة كلياً. وبقدر ما نعد عمل إتلاف المخيم فعلاً غير مسؤول، لا يقل عنه وبالقدر ذاته تلك النغمة العنصرية الاستعلائية التي تبناها المرشح الجويهل، ومن يسير على نهجه في حملاتهم الانتخابية، وقبلها حين تبنوا عقيدة سياسية منغلقة متكبرة تتعالى على أبناء القبائل مثلما تعالت من قبل بروح طبقية متغطرسة على الغير متبنية عنصرية حمقاء تفرق بين الكويتي الأصيل وغير الأصيل، وبين الكويتي السني والكويتي الشيعي.
ومن داخل تلك التقسيمات تمت تنمية عقلية جاهلة تقوم على تقسيم أدنى، يقوم على تراتبية الأكثر عراقة والأكثر جاهاً.لم ينزل ذلك التشرذم القبائلي والطائفي من السماء، بل كان متأصلاً في المجتمع الكويتي بداية، وبدلاً من قيام السلطة الحاكمة بتبني ثقافة ورؤية تحققان الوحدة الوطنية بإعمال مبدأ المساواة بين طوائف المجتمع في توفير الخدمات وفرص العمل في الوظائف العليا بالدولة، نجدها كرست سياسة التقسيم الاجتماعي ورعته على مدى عقود ممتدة، ولم يكن تقسيم الدوائر الخمس والعشرين القديم إلا صورة (ليست الوحيدة) لسياسة "فرق تسد"، وتنقلت السلطة في تحالفاتها بين فريق وآخر لخدمة مشروع الانفراد بالحكم بدلاً من مشروع وحدة أبناء الوطن.لم يعد من المجدي الآن الثرثرة بإنشائيات الوحدة الوطنية، ومن الصعب ترقيع الشقوق الكبيرة في الثوب الكويتي بمواعظ خطابية ونصائح خاوية تتردد في الخطاب الرسمي للدولة ونجد صداها في خطابات كثير من المرشحين.ليس المطلوب العمل على إصدار مزيد من التشريعات المجرّمة لما يعد تهديداً للوحدة الوطنية، فمثل تلك التشريعات التي يضج بها قانون الجزاء أضحت أداة في النهاية لقمع الفكر وحرية التعبير والبحث العلمي، بل المطلوب أن تتبنى السلطة ثقافة تقدمية تحررية تستبعد كل أنواع التمييز الديني والاجتماعي في الوطن، وليست تلك مهمة سهلة بعد أن ضربت الثقافات الأصولية جذورها في التربة الكويتية، ولكنها ليست مستحيلة، وعلى السلطة الحاكمة أن تقرأ جيداً مخرجات انتخابات اليوم، فليس من مصلحة الوطن الآن التشفي من واقع الحال بمثلنا الشعبي "زرع زرعتيه".
أخر كلام
كي لا نقول زرع زرعتيه
02-02-2012