انغمسنا قبل أيام عدة في بحر العلاقات الدولية، وعلى الرغم من تعدد الآراء حول ملامح العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة في دول الخليج، وصياغة سياستها الخارجية والاقتصادية والأمنية، فإننا اتفقنا على جمال معالم مدينة الرياض كالمتحف الوطني وحصن "المصمك" الشهير.
كان ذلك أخي القارئ في مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية، حيث تلقيت ومجموعة من الزملاء دعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية راعي مؤتمر "الخليج والعالم"، الذي أقيم بتنظيم رائع من "معهد الدراسات الدبلوماسية" التابع للخارجية السعودية بالتعاون مع مركز الخليج للأبحاث.توجت المؤتمر كلمة حملت معاني الفرص والتحديات في العلاقات الدولية، للأمير سعود الفيصل، ألقاها نيابة عنه وكيل وزارة الخارجية الأمير الدكتور تركي بن محمد، تناولت العديد من المحاور المهمة، أبرزها حماية الشؤون الداخلية لدول الخليج من التدخلات الخارجية (بالإشارة إلى إيران)، بالإضافة إلى أهمية وضع اعتبار لمطالبات العالم بخلو المنطقة من السلاح النووي.وتناولت الكلمة النموذج الاستراتيجي الناجح لصنع القرار الخليجي والمتمثل بالدور البناء لـ"مجلس التعاون" في طرح مبادرة اليمن التي لقيت دعم المنظمات الدولية وتأييدها، واختتمت بأهم الدروس المستفادة من الأزمات؛ ألا وهي مقارنة الحل الفردي بالتعاون الإقليمي والدولي الذي يعتبر الضامن لعدم تكرار الأزمات.واستعراضت لتجربة المملكة العربية السعودية بإدراكها في مرحلة مبكرة أهمية التعاون الإقليمي والدولي الذي كان دافعاً لها بأن تكون عضواً مؤسساً في العديد من المنظمات العريقة؛ كالأمم المتحدة والجامعة العربية.وفي جلسة أخرى من جلسات المؤتمر استمتعنا بحديث صاحب السمو الملكي الأمير مقرن رئيس الاستخبارات العامة الذي فاجأ الحضور بإجادته للغة الإنكليزية، وحرصه على إجابة جميع الأسئلة برحابة صدر، وابتدأ كلمته بأهمية سعي دول الخليج لمواجهة تيارات الإرهاب والتطرف، وتكريس دبلوماسية حسن الجوار عبر بناء علاقة تسودها مبادئ الاحترام.وفي رده على سؤال حول الانتشار النووي، أوضح أنه حتى الاستخدام السلمي للطاقة النووية يجب أن يكون تحت إشراف وكالة الطاقة الذرية ورقابتها وفقاً لأنظمتها.باختصار، فالمؤتمر نجح في جذب الحضور من كل أنحاء العالم من الباحثين والمهتمين من الجامعات المحلية السعودية والخليجية والعالمية إلى جانب أعضاء مجلس الشورى، ونجح في إبراز دور دول "التعاون" كدول صانعة للمبادرات.وحرص المنظمون على المحور الثقافي المكمل للمحاور السياسية عبر تنظيم زيارة المشاركين إلى المتحف الوطني، وقمنا ومجموعة من الزملاء الأجانب والعرب بجولة أخرى لزيارة حصن "المصمك" الذي يشكل ملحمة فتح الرياض على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود- رحمه الله- ولولا جهود مدير عام معهد الدراسات الدبلوماسية الدكتور عبدالكريم الدخيل ورئيس "مركز الخليج للأبحاث" في دبي الأستاذ عبدالعزيز بن صقر لما اكتمل "الربيع الثقافي" في الرياض.
مقالات
مدينة الرياض و الربيع الثقافي
14-12-2011