بكل تأكيد ان تضخم الحسابات البنكية لبعض النواب لا يمثل جريمة بحد ذاته، لكن في الوقت نفسه يتعين على البنوك مطالبة النائب بتقديم تفسير عن حجم الأموال الطائلة، التي يقوم بإيداعها بشكل غير منطقي، فلا هو يعمل في التجارة ولا يدير عقارا، ولا حتى يمتلك محلا في منطقة الضجيج، متخصصا في بيع «الكبتات أو الأَسرَّة» فإن عجز أي من النواب عن تقديم أي مسوغ لتلك الإيداعات فالشبهة ثارت حوله.

Ad

ومع إحالة البنك الوطني لتسعة نواب وبيت التمويل لخمسة نواب وبرقان لنائب واحد سيتناول حديث التحقيق الجنائي مع النواب المحالين إلى النيابة العامة مصدر الأموال، وحينها ستكون الإجابة إما أنها نظير تجارة العقارات من خارج البلاد وعندها يتعين على النائب تقديم مستند لعقد البيع، وإما أنها هدية من شخصية ما؟ وحينها سيدور السؤال عن سبب الإهداء وهل كانت بسبب القيام بعمل أو الامتناع عن عمل فإن أجاب بنعم وعن الشخصية أصبح مشتركا في جريمة الرشوة وصح هنا تسمية الأموال المودعة «بغسل الأموال» بسبب أنها مودعة من جريمة الرشوة، وإن أجاب النائب بـ»لا»، فالجريمة وقع بها النائب بتقاضيه مبالغ مالية كهدية فقط ولكنه بالتأكيد قد وقع بفضيحة سياسية لا جنائية!

وفي كل الأحوال فإن مثول النائب أمام جهات التحقيق يستلزم من النيابة العامة، مع بدء دور الانعقاد مخاطبة مجلس الأمة برفع الحصانة البرلمانية عن النواب المشكو بحقهم وحينها يتعين على المجلس إحالة طلبات رفع الحصانة البرلمانية إلى اللجنة التشريعية في مجلس الأمة، والأخيرة تنتهي بالتصويت عليها وإحالتها إلى المجلس للتصويت النهائي، وحينها سيكون قرار المجلس حاسما في سريان الدعاوى الجزائية بحق النواب، فإن انتهى المجلس إلى رفض رفع الحصانة البرلمانية بالتصويت فهذا يعني سقوط الدعاوى الجزائية المقامة ضد النواب لرفض المجلس رفع الحصانة البرلمانية عنهم، بينما إذا انتهى المجلس بالموافقة على رفع الحصانة فهذا يعني مثول النواب أمام النيابة العامة وإخضاعهم للتحقيق وربما اتخاذ قرارات بإخلاء سبيلهم بضمانات شخصية أو مالية، وربما حجزهم على ذمة التحقيق أو منعهم من السفر.

وبعيدا عن فرضية بدء دور الانعقاد فللنيابة العامة استدعاء أي من النواب المشكو بحقهم من البنوك للتحقيق معهم في كل مناحي الشكوى المقدمة من البنوك وحينها ستقرر النيابة العامة طريق القضية بفرضيتين: الأولى، إما القضاء الجزائي وحينها سيمثل النواب أمام محاكم الجنايات وحينها يتعين على النيابة العامة أن تصل الى شكل الاتهام المراد تقديم النائب عليه، وذلك لأن مجرد تضخم الحسابات البنكية لا يعد اتهاما بذاته، بينما الفرضية الثانية هي أن تنتهي النيابة العامة إلى حفظ التحقيق في جزء أو كل البلاغات المقامة ضد النواب لعدم الجريمة.