تناولت في مقال الأحد الماضي تحت عنوان "الأمير شريك أصيل في السلطة التشريعية" الحكمة من إلزام رئيس الدولة، عند رد مشروع قانون أقره مجلس الأمة بوجوب تسبيب مرسوم الرد، حتى يعاد النظر في مشروع القانون، في ضوء الأسباب التي وردت في المرسوم.
إعادة نظر وليس إعادة تصويتوفي هذا السياق يقول النائب السابق والمحامي القدير مشاري العصيمي في مقال نشر له على نصف صفحة من صفحات "القبس" في عددها الصادر بتاريخ 3/11/2002 تحت عنوان: "إعادة نظر وليس إعادة تصويت": "لقد كان الدستور دقيقاً في عباراته عندما نص في المادتين 65 و66 على إعادة نظر وليس على إعادة التصويت، وإعادة النظر لا يمكن أن تقتصر على إعادة التصويت، بل هي العملية التشريعية برمتها.وأن المجلس مطالب بأن يفسح صدره لأوسع نقاش حول أسباب رد رئيس الدولة لمشروع القانون، وهو الشريك الأصيل لمجلس الأمة في العملية التشريعية".كما كان الدستور دقيقاً كذلك في عباراته، عندما استخدم في المادة (66) عبارة "مشروع قانون" وكلمة "إقرار"، أي ان إعادة النظر في مشروع القانون يبدأ بإحالته إلى اللجنة المختصة لتقوم بدراسته من النواحي كافة في حضور الحكومة وبتعاونها، وتقديم تقريرها بما ينتهي إليه رأيها في المشروع، والأسباب التي بنته عليها لإقراره في المجلس، بعد مناقشته مناقشة مستفيضة في مداولة أولى ثم مداولة ثانية، كما لو كان المشروع مطروحا لأول مرة.مخالفة الدستور واللائحة الداخليةوالبادى أن مجلس الأمة كان "سيد قراره" في كل ما اتبع من إجراءات في إقرار مشروع قانون صرف الخمسين ديناراً، بعد رده بالمرسوم رقم (139) لسنة 2011 حيث جرى ما يلي:1- إن اللجنة نظرت مرسوم الرد، وقررت بإجماع آراء الحاضرين من أعضائها عدم الموافقة عليه ولم تنظر مشروع القانون أو تتطرق إليه، وهو ما تلزمها به المادة (66) من الدستور.2- إن اللجنة لم تبين في تقريرها الأسباب التي بنت عليها رأيها، كما توجب عليها ذلك في المادة (56) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.3- إن المجلس صوّت على مشروع القانون بجلسة 10/6/2011 بالموافقة، دون أن يكون هذا المشروع موزعاً على أعضاء المجلس، حيث كان مدرجاً على جدول أعمال المجلس، تقرير اللجنة في شأن رفض مرسوم الرد مرفقاً به هذا المرسوم فقط.مراعاة أحكام الدستور واللائحةمن أولى المسائل التي يؤذن فيها بالكلام دائماً فى المجلس طبقاً لأحكام المادة (83) من اللائحة الداخلية هو توجيه النظر إلى مراعاة أحكام الدستور ولائحة المجلس الداخلية، بما لا يجعل المجلس سيد قراره في مخالفة أحكامهما، واللائحة تعتبر ذات طبيعة دستورية (أنظر قرار التفسير رقم 26 لسنة 96 الصادر من المحكمة الدستورية).لذلك فإن مقولة "المجلس سيد قراره" لا تكون إلا في المسائل التي لا ينظمها نص في الدستور أو في اللائحة الداخلية للمجلس أي عندما يكون هناك فراغ دستوري أو قانوني، إنما إذا وجد فيهما نص ينظم المسألة، فإن هذا النص يكون واجب الاحترام، سواء ورد في الدستور أو في اللائحة، ولا يكون المجلس سيد قراره في تنظيم هذه المسألة، ولو كان هو الذي أقر اللائحة، إعمالا لقاعدة تسمو على كل القواعد القانونية تقول "احترم القانون الذي وضعته بنفسك"، وهي قاعدة تجسد مبدأ سيادة القانون، وهي تعني أن القانون يطال الجميع حكاماً ومحكومين.وهو ما يطرح سؤالاً وهو: هل تصديق رئيس الدولة على مشروع القانون، يصحح هذه الإجراءات، وهو ما نجيب عليه بنعم للأسباب التى سنطرحها فى مقال قادم بإذن الله.
مقالات
ما قل ودل: كان المجلس سيد قراره
19-06-2011