الصراخ الكاذب يسوى ملايين!
كما توقعنا قبل فترة قصيرة في هذه الزاوية الصحفية، فقد بدأ الهجوم المضاد في معركة الودائع المليونية للنواب، ولا نستغرب أبداً حجم الشراسة التي بدأت بها الحرب الوقائية، وهذه المرة بقيادة ميدانية من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة! ومن المؤكد أن تتصاعد وتيرة هذه الحرب المضادة كلما اقتربنا من بداية دور الانعقاد القادم، وما يتخذ من إجراءات على مستوى التحقيق البرلماني أو التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد، والكشف عن الذمة المالية بأثر رجعي أو تقديم استجواب لرئيس مجلس الوزراء، وذلك من باب الصراخ بقدر الألم، فقضية الإيداعات المليونية وأبطالها سواء كانوا من النواب من جهة، وأطراف حكومية من جهة أخرى أو شركات وهمية وتجار أو حتى مصادر خارجية من جهة ثالثة سوف تتسبب بألم غير معهود، ولا يطاق إذا ما انكشفت حتى خطوطها الأولية.ولهذا فإن الصراخ الاستباقي ومحاولات خلط الأوراق في قضايا الرشوة والفساد بكل أنواعه وأشكاله هي مجرد إظهار ما تبقى من قوة سياسية، وإعادة الحسابات الرقمية داخل المجلس؛ لضمان الأغلبية اللازمة لإجهاض أي مشروع قد يساعد في كشف الحقيقة، ولإعادة الروح في بعض من أوشك على الانهيار والاستسلام الذي قد تتبعه اعترافات "تبط الجربة". وكما قلنا مراراً فإن بعض الأصوات المنادية بفتح ملفات الفساد برمتها بالتأكيد تنطلق من حسن نية، ومن الإحساس بالغيرة على هذا البلد وطلب الإصلاح فيه، ولكن شتان بين هذه الشريحة وتلك التي انتابتها حالة هستيرية في أن يكونوا يوماً من الأيام في نفس الخندق وإن اتفقت العناوين الرئيسة بينهما. فالشريحة الأولى يفترض أنها تتصدى من بعد مبدئي، ولذلك فإن طرحها يتم بحزم، ولكن بهدوء وثقة بالنفس، كما أنها تشارك وبقوة في اللقاءات العامة، ويظل صوتها عالياً فيما يخص الإيداعات المليونية، وإن اختلفوا في الكثير مع القضايا مع المتصدين لهذه الفضيحة النيابية، كما بادر بعض النواب من هذا الفريق إلى الكشف عن حساباتهم البنكية أو تفويض النائب العام بالتحقيق فيها، وبمعنى آخر فقد انضموا إلى نفس الجبهة التي تريد الوصول إلى الحقيقة المليونية، وإن زادوها وبشكل مستحق لفضح أوجه الفساد الأخرى، ولهؤلاء نقول إنكم على حق، وإن ظلت في رأيي الإيداعات المليونية هي أقصى درجات الأولوية التي يجب أن يبت فيها بشكل فوري وعاجل، وبعد ذلك يمكن فتح بقية الأبواب.
أما الفريق الآخر فمن الواضح أنه يفتعل الانفعال ويلجأ للصراخ وطرح مبررات سخيفة جداً، ومنها مختلف أشكال الصراع السياسي في البلد والمنافسة على كرسي الرئاسة سواء في مجلس الأمة أو مجلس الوزراء، فبالله عليكم ما علاقة أي صراع سياسي على المناصب بتضخم حسابات بعض النواب بملايين الدنانير "كاش"، والتي لا يعلم إلا الله مصدرها لحد الآن؟ ولماذا لم يشارك أمثال هؤلاء في الندوات أو على أضعف الإيمان في إصدار تصريحات أو إعلان مواقف صريحة باستنكار هذه الشبهات والانضمام إلى الجبهة المنادية بمعرفة الحقيقة؟!ونحذر الشعب الكويتي بأن قضية الملايين لو تم التلاعب بها أو طمطمتها أو خلط السم بالعسل فيها فإن القبيضة سوف يكونون أسيادنا وأسياد أولادنا وأحفادنا إلى ما شاء الله، ولن يتردوا بعد ذلك حتى في نهب ملابسهم التي يتسترون بها في المستقبل!