مرافعة وفد قضائي برئاسة وزير!
أيام ويبدأ العام القضائي الجديد والمحاكم لم تتغير ونظام التقاضي هو ذاته، لأن القضاء باختصار من آخر أولويات المشرع الكويتي، وإلا كيف يدرج مشروع قانون استقلال السلطة القضائية مدة سنة كاملة على جدول أعمال المجلس ولا يتكرم مجلسنا بمناقشته والتصويت عليه وتحرير القضاء من يدي السلطة التنفيذية عليه بإشراف إداري ومالي، ويصبح سلطة كاملة كما أراد لها الدستور شأنها شأن السلطتين التشريعية والتنفيذية؟!
لا يمكن القبول بوضع القضاء بشكله الحالي إداريا وماليا يتولاه مسؤولون تابعون للسلطة التنفيذية يحضرون اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء، بل ويتحكم معالي وزير العدل في قرارات ومصير المجلس الأعلى للقضاء بإمكانه رفض إصدار قرارات وزارية تترجم قرارات المجلس الأعلى للقضاء إلى فعل بعدما كانت على ورق، وهو الأمر الذي يدعونا إلى أن نتساءل إلى متى هذا التسلط الوزاري على القضاء؟ وإلى متى يخضع القضاء لتصرف وزارة ولا يتحرك كسلطة تقرر مصيرها وتبني ملامحها وتخطط لمستقبلها؟ وإلى متى هذه الوصاية الإدارية إذا كان الدستور وأبوالقوانين يجزم بكل وضوح على اعتبارها سلطة مستقلة؟ وإذا كانت هناك سلطة تشريعية مستقلة إداريا وماليا وهي السلطة التشريعية تمارس عملها الفعلي كسلطة شقيقتها التنفيذية، فما المخاوف من وجود القضاء كسلطة حقيقية ثالثة، خاصة أن صاحب السمو هو رئيس السلطات الثلاث؟ وما الدواعي وراء التحفظ الحكومي عن إطلاق يدي القضاء بعد إشراف حكومي دام أكثر من 45 عاما؟ وثمة أسئلة تطرح نفسها وتنتهي باستغراب شديد لمسلك السلطتين مع القضاء وهي أليس القضاء قادرا على تولي السلطة بمفرده بعد أن استطاع أن يفصل في كل النزاعات الدستورية التي تقع بين الحكومة والمجلس وأن ينصف المجلس أحيانا والحكومة أحيانا أخرى؟ أليس القضاء هو صمام الأمان والمنصف لحقوق العباد وحقوق المؤسسات العامة في الدولة والشركات؟ أليس القضاء الكويتي هو القضاء النزيه والحيادي والمشهود له بالكفاءة؟ وغيرها من مظاهر الثناء والإشادة التي تزفونها بشكل يومي للقضاء، وعندما يطلب منكم القضاء وعلى لسان العديد من رجالاته ومسؤوليه تعجزون حتى عن المطالبة بسرعة إقراره كحكومة ومجلس؟!أم أن القضاء ليس في حسابات المجلس الانتخابية، وإنما في حسابات الحكومة التي تدفع الى زيادة عمر الإشراف المالي والإداري من وزارة العدل على القضاء ولا تريد لمشروع الاستقلال المالي والإداري للقضاء الكويتي أن يمر حتى يكون لها إشراف إداري ومالي كما تريد، وهو ما يعد تدخلا واضحا وصريحا في أعمال السلطة القضائية، وأكبر دليل ما حدث بتعيين رؤساء المحاكم قبل أشهر من مجلس الوزراء!لايمكن للقضاء الكويتي أن يتطور ووكيل وزارة العدل يحضر اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء بسبب قانون تنظيم القضاء الذي يعطيه أحقية العضوية في مجلس القضاء، ولا يمكن للقضاء الكويتي ووزير العدل هو من يترأس وفدا قضائيا برئاسته وبعضوية رئيس المجلس الأعلى للقضاء. ولا يمكن للقضاء أن يتطور ووزارة العدل هي التي توافق على طلب القضاء بصرف دباسة أو ادوات قرطاسية لكي يقوم القاضي بكتابة حكم قضائي!