على غير العادة فإنني سأفرد في المساحة المخصصة لمقالتي اليوم، لرد تلقيته من مواطن مصري على جزء من مقالتي السابقة التي علقت فيها على اتهامات رئيس وزراء مصر كمال الجنزوري لدول الخليج العربي بأنها تحاصر مصر اقتصادياً وتتلكأ في مساعدتها مالياً، وطالبت فيها كذلك الأغلبية، التي فازت بحكم مصر من الإخوان المسلمين، بأن يقدموا برنامجهم لحكم مصر، ولا ينتظروا أن تقدم لهم دول الخليج مساعدات استثنائية. رد المواطن المصري محمود السيد إبراهيم، يبدو من طبيعة نصه أنه ينتمي إلى كادر سياسي، لأنه يؤكد معلومات مالية بشأن عدم تسلم مساعدات من دول خليجية، المهم رد الشقيق المصري لا يخلو من الطبيعة الفوقية في لغة الخطاب من كلمات مثل "أمثالكم، اقرأ وتعلم... إلخ"، وهي كلها تعابير تهمز وتلمز إلى تفوق شعوب عربية معينة على الخليجيين في العلم والثقافة، وهو هراء في واقعنا الحالي، بعد أن أصبح خريجو دول الخليج يحصلون على أرفع الشهادات من أعرق الجامعات العالمية، ولديهم أفضل المرافق التعليمية في المنطقة. المهم أن المواطن المصري نصّب نفسه وكيلاً عن الشعب المصري كله، وراح يوجه إلي الاتهامات، وكالعادة أيضاً راح يذكرني بمواقف بلده إبان الغزو العراقي للكويت بشكل غير مباشر، ويطلب مني الاعتذار، رغم أنني سطرت كلاماً سياسياً رداً على اتهامات الجنزوري لدول الخليج، ولا أعلم كيف أصبحت كلمتا "كياسة ولباقة" تمثلان سباً وقذفاً؟!... وما جاء في مقالتي السابقة ليس له معنى غير النقاش السياسي، لأنني لا أقبل شخصياً أن يوجه أحد إهانة إلى الشعب المصري العظيم والعزيز ورموزه، وعليه فأنا لست معنياً بالاعتذار لأحد. نص رد المواطن المصري: الأخ المحترم عبدالمحسن جمعة: لكل أمة من الأمم لحظات عصيبة في وقت من الأوقات على مر السنين، وكذلك لها مواقف شجاعة تستحق أن تخلد وتكتب في كتب التاريخ. لا أريد أن أذكرك بمواقف مصر الشجاعة، عندما وقفت مع شعبكم في أزماته فليس ذلك من شيم النبلاء وصناع الحضارة، لكن ساءني وساء كل مصري ما كتبته في جريدة "الجريدة" الكويتية من تعليق على الأستاذ الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء مصر، الرجل الذي يحبه أهل مصر بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم، فهو بحق رجل شريف ورجل وطني بما تعنيه هذه الكلمة من معان. ذكرت في مقالك بالتحديد "وهو بالتأكيد يمثل عدم لياقة وكياسة من رئيس وزراء يمثل مرحلة انتقالية قصيرة"، وأنا أقول لك بلسان كل مصري: خانك التعبير، فهذا سب وقذف في حق رئيس وزراء مصر، رمز كرامتها، ولو كان رئيس وزراء ليوم واحد لا نقبله أبداً من أمثالكم. الدكتور الجنزوري لم يطلب من دول الخليج شيئاً، ولكنهم تطوعوا وأعلنوا عن وعود بمساعدات، ولكن أذكرك بأن من وعد أخاه وهو في محنة وأخلف هذا الوعد يمقته الناس على فعله، وهذا العمل الشائن من صفات المنافقين. خرج علينا أمس الأول وزير خارجية المملكة العربية السعودية وقال إن المملكة ملتزمة بدفع مبلغ 3.75 مليارات دولار مساعدات لمصر. ولم يخرج أحد من الكويت أو الإمارات أو قطر لتأكيد أو نفي المساعدات، ولم يعقب أحد على خطاب رئيس وزراء مصر الدكتور كمال الجنزوري. افترضت جدلاً أن دول الخليج قدمت مساعدات حسب معلوماتك ونقول لك ونحن متأكدون أن هذا غير صحيح، لأن الجنزوري قال ذلك وهو لا يكذب ولا ينافق، فصحح معلوماتك. إن الدول العربية الآن يعصف بها إعصار قوي ليس كإعصار كاترينا الذي حدث في الولايات المتحدة، لكنه إعصار من أعاصير التغيير وليس التغيير بمنأى عن أي دولة، وإن غداً لناظره قريب. إن الذي ذكرته في مقالك يتطلب اعتذاراً والاعتذار بالتأكيد من شيم الكرام. وأقول لك اقرأ وتعلم من إخوانك الخليجيين فهذا الكاتب السعودي جميل فارسي كتب مقالاً تحت عنوان "هذه هي مصر"، والله لقد فاتك أن تقرأه وتتعلم منه لقد كتب عبارات جميلة أذكر منها مصر تمرض ولكنها لا تموت إن اعتلت ومرضت اعتل العالم العربي محمود السيد إبراهيم
Ad