أتساءل: ماذا لو تم الاتفاق بين رئيس الوزراء المكلف حينها والأغلبية المعارضة في مجلس الأمة على المشاركة بالحكومة بعدد من الوزراء، سواء من داخل المجلس أو خارجه، وسواء كان العدد 9 أو أقل من ذلك، أياً كان العدد شرط التوافق؟  أتساءل: ماذا ستكون النتيجة؟ بطبيعة الحال لن تخرج عن احتمالين: إما حكومة إنجاز ويصب ذلك في مصلحة الوطن والمواطن، وإما حكومة فاشلة، وسيسجل هذا الفشل بالدرجة الأولى على المعارضة، ويضعف موقفها، وسيظهر رئيس الوزراء في هذه الحالة بمظهر غير الملام، أي أنه في الحالتين لن يكون طرفاً خاسراً.  لا أعلم حقيقةً لماذا لم يتم هذا الاتفاق؟ أيعقل أنه مازال هناك من هم في دائرة القرار يشعرون بـ"فوبيا" وخوف من الحكومة الشعبية؟! وهل مازالوا يعتبرونها انتقاصاً للهيبة والشيخة، وأنه تنازل كبير يجب ألا يتم؟ وأتساءل أيضاً: كم سيحتاجون من الزمن ليصلوا إلى القناعة بها؟ ألا تكفي 50 عاما من بداية الحياة البرلمانية؟ وألا تكفي سنوات الفشل والتخبط للحكومات السابقة؟  من يتخذ الديمقراطية نهجاً فإن عليه أن يتحمل تبعاتها، فمسيرتها تتقدم، ولا يمكن إبطاؤها، وإن تم ذلك من قبل فإن الظروف الداخلية والخارجية لا تسمح بذلك الآن، فمثلاً بعد أن كان فصل ولاية العهد عن رئاسة الحكومة مطلباً أصبح واقعاً، وبعد أن كان منصب الرئيس محصناً "عرفاً" من المساءلة أصبح عرضة لذلك بأي وقت، الأمر الذي يحتم على السلطة أن تمتلك زمام المبادرة في المرات القادمة بدلاً من مغبة الخوض في صراع سياسي، وتحرك شعبي جديد، وحملة جديدة مطالبة بالحكومة الشعبية على غرار حملة "ارحل"، تكلفنا سنوات من الاحتقان والشلل إلى أن تقتنع بها السلطة في نهاية المطاف!! العجلة تسير بسرعة، وليس هناك سقف للمطالبات إلا سقف الدستور، فكل ما هو مسموح به دستورياً سيكون مطلباً في يوم من الأيام، شريطة أن تكون هذه المطالب تدريجية، وألا يتم حرق المراحل، فما أقصده بالحكومة الشعبية هو أن يكون للأغلبية البرلمانية تمثيل مؤثر فيها، وتحظى بثقتها، مع الإبقاء على الرئاسة بيد أفراد الأسرة الحاكمة، علاوة على ذلك الوزارات السيادية في الوقت الراهن، فلا الظروف تسمح بعكس ذلك، ولا المواءمة السياسية لاعتبارات كثيرة. شخصياً أتمنى نجاح الحكومة الجديدة، وأن تكمل مدتها المقررة دستورياً رغم أن شكلها وآلية تشكيلها لا يختلفان عن سابقاتها إلا أننا نمني النفس هذه المرة أن يكون النهج هو المختلف، كما أن المجلس أو بالأحرى الأغلبية المسيطرة عليه يبدو أنها قد نجحت في الاختبار الأول حين أجهضت استجواب النائب الوسمي الذي لم يكن متسقاً مع أصوات التهدئة، ومد يد التعاون بين السلطتين في باكورة مرحلة جديدة. هذا الموقف الذي يعتبر رسالة نوايا حسنة يجب أن تستقبله الحكومة بإيجابية، وأن ترد التحية بمثلها أو بأحسن منها، فالأجواء مهيأة لانطلاق تنمية حقيقية طالما انتظرناها، والله الموفق.
Ad