طاولة القط
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
في "المريض الانكليزي" لا ينتمي أونداتجي الى سيلان مسقط الرأس ولا الى كندا بلاد الشباب والرجولة. وفي روايته "في جلد أسد" ينتمي الى مدينته تورنتو التي عاش فيها عمره منذ أن وصلها في الخمسينيات دون أن يترك أثرا لانتمائه الشرقي، وكذلك في "عبور سلوتر" يتناول نيواورلينز وكأنها مدينة عاش فيها عمرا. لم يكن أونداتجي يصارع بقاءه الطويل ولا يعيش نوستالجيا حياتية أثناء كتابته للرواية فهو مخلص لفكرة الرواية بغض النظر عن عوالمها التي تحاصر الحكاية. هذه المرة تأتي روايته "طاولة القط" وكأنه يتذكر أسطورة تركها في سيلان وليس سيلان المدينة أو البلدة. يتحدث أونداتجي لمحاوره المغترب من ايران في برنامج اذاعي عن حياته التي لا تصلح الى رواية ذاتية اذا لم يتم تلوينها بالخيال القصصي. سيعرف القارئ أنه هو الصوت المتحدث في الرواية ولكن ليس للأحداث أهمية في جذبها نحو الواقع. "في اليوم الأخير للرحلة وجدت كتيبات مدرسية وخريطة للعالم وضعتها في حقيبتي". في هذه العبارة يلخص الروائي حياته القادمة نحو المجهول من جزيرة في الشرق الى بلد يعيش عظمة الامبراطورية كبريطانيا. وما لم يغفله أونداتجي في رحلته هو مزجه بين ما تعلمه من لغة العالم ومدن حول العالم لا حصر أحب الكتابة عنها. لم يكن يعرف أونداتجي – كما تحدث الى مضيفه – معنى طاولة القط من قبل. لكن التعبير استهواه وهو يتذكر رحلته مع الطفلين كاسيوس ورمضان على سفينة "أورونسي" محاطين برجال بالغين ليس من ضمنهم ذووهم. طاولة القط هي الطاولة الأخيرة التي تقابل من بعيد طاولة القبطان. حاول أونداتجي طيلة حياته أن يقترب من طاولة القبطان وكان هناك الكثير من العقبات أمامه ونجاحه الروائي لم يكن يؤهله أن يحتل قلوب الرجال البيض وان استولى على عقولهم المجردة. كانت تلك الفجوة الثقافية التي هدمها بلغة انكليزية أنيقة وجميلة ولكنه لم يردمها ببشرة ملونة وربما كانت روايته كردة فعل عن تدخل الرجل الأبيض لسحب كتابه من قائمة أفضل مئة رواية. لم يقل ذلك صراحة وليس له أن ينكرها.