تويتر والتضييق على الحريات

نشر في 20-07-2011
آخر تحديث 20-07-2011 | 00:01
No Image Caption
 د. بدر الديحاني إن عدم قراءة الحكومة للمتغيرات العربية والدولية بشكل جيد لا يعني عدم حدوثها، فمن الواضح لكل ذي لب أننا نعيش الآن في زمن مختلف كليا عنه قبل ستة أشهر، وهو زمن احترام حق الشعوب في المشاركة في السلطة والثروة وتقديس حقها في التعبير عن وجهات نظرها بكل حرية، والتي قد تختلف اختلافا كليا عن وجهة النظر السائدة.

  على ما يبدو أن الحكومة لا تتابع ما يجري في الساحة العربية والدولية، أو أنها تتابع الأحداث لكنها تعجز عن قراءة التغيرات الجذرية التي حدثت في المنطقة العربية خلال الأشهر الستة الأخيرة قراءة سليمة، وهو الأمر الذي يفسر ما يتواتر من معلومات، لم يتم نفيها، عن نية الحكومة مراقبة وسائل الاتصال الاجتماعي وتحديدا "تويتر" والتضييق على "المغردين" وإغلاق بعض المواقع الإلكترونية وملاحقة أصحابها؛ على الرغم من أن ذلك يعتبر أيضا خرقا واضحا لمواد الدستور وروحه والذي سنحتفل بعيده الذهبي بعد ثلاثة أشهر.

 وهنا فإننا نتساءل: هل يعقل أن تخاف الحكومة من 140 حرفا هي عدد كلمات "تغريدة توتير"؟ ثم هل تظن الحكومة أن بمقدورها أن تحجب عملية التراسل الإلكتروني أو تمنع عمليات التواصل الاجتماعي في عصر الفضاء المفتوح الذي توفره وسائل الاتصال الإلكتروني وما يقدمه كل من "مايكروسوفت" و"آبل" و"غوغل" من تقنيات إلكترونية متقدمة، تساعد على كسر وسائل الرقابة التقليدية  بما فيها تلك الوسائل المعقدة التي دأبت على استخدامها أنظمة قمعية كريهة لها باع طويل غير مشرف في مراقبة همسات الناس، وإحصاء عدد دقات قلوبهم لمعرفة درجة الرعب التي تثيرها أجهزة مخابراتها في نفوسهم؟

 ثم، وثم، وثم... أليس ما يتم تناقله في وسائل الاتصال الاجتماعي الإلكترونية المختلفة صورة مصغرة عما يتداوله الناس في أحاديثهم اليومية، وهو ما يشكل وسيلة ممتازة و"تغذية عكسية" لمعرفة وجهات نظر الناس ودرجة رضاهم عن السياسات الحكومية؟

قصارى القول إن عدم قراءة الحكومة للمتغيرات العربية والدولية بشكل جيد لا يعني عدم حدوثها، فمن الواضح لكل ذي لب أننا نعيش الآن في زمن مختلف كليا عنه قبل ستة أشهر، وهو زمن احترام حق الشعوب في المشاركة في السلطة والثروة وتقديس حقها في التعبير عن وجهات نظرها بكل حرية، والتي قد تختلف اختلافا كليا عن وجهة النظر السائدة، إذ إن احتكار الحقيقة لم يعد ممكنا خصوصا في ظل الثورة التكنولوجية الرهيبة والتطور الهائل في وسائل الاتصال الإلكتروني والذي لا حدود له ولا يمكن أبدا مراقبته.

 زد على ذلك أن التضييق على الحريات العامة بما فيها حرية الرأي والتعبير التي توفرها وسائل الاتصال الإلكتروني كـ"تويتر" و"المدونات الإلكترونية" والـ"فيسبوك " وغيرها لا يتماشى مع ادعاء الحكومة أنها ملتزمة بالدستور إلا إذا كان لديها دستور آخر غير دستور 1962؟

back to top