كيف نبطئ مرحلة الشيخوخة
الشيخوخة تغيّرٌ طبيعي يحدث في حياة الإنسان نتيجة التقدّم في العمر، أي أنها تطوّر فيزيولوجي شأنها شأن أي مرحلة من مراحل العمر المختلفة (المهد، الرضاعة، الطفولة، البلوغ، الشباب...). ويظهر خلالها ضعف الجسم المضطرد مع زيادة متصاعدة في عمليات الهدم الذاتي وضعف في الوقاية وعجز الجهاز المناعي وضعف آلية البناء.
يصل الجسم إلى الشيخوخة نتيجة تراكم أمراض القلب، تصلّب الشرايين، نقص التغذية، التقلبات الجوية، الحالة النفسية أو العصبية، الحالة المناعية وغيرها، أو قد تكون بسبب المؤثرات الداخلية والخارجية أو الإسراف في تعاطي العقاقير، ما يؤدي إلى ظهور علامات الشيخوخة باكراً عن موعدها الافتراضي.اختلفت الأراء حول بدء مرحلة الشيخوخة. عموماً، تصل القدرات الجسمية والفيزيولوجية إلى قمة أدائها في سن العشرين، بعد ذلك تبدأ بالتغير والانحدار وصولاً إلى الشيخوخة، المرحلة العمرية التي تستهلّ فيها الوظائف الجسدية والعقلية عملية التدهور بصورة أكثر وضوحاً مما كانت عليه في الفترات السابقة، في هذا الإطار حددت لجنة خبراء منظمة الصحة العالمية عام 1972 سن الشيخوخة بالخامسة والستين.يؤدي الاستعداد الشخصي والوراثي دوراً واضحاً في بلوغ مرحلة الشيخوخة قبل الأوان، فهي ليست مرضاً إنما عملية طبيعية تشمل التغيرات التدريجية في الشكل والوظيفة والقدرة على تحمّل الضغوط.أهميّة الجهاز المناعيتظهر أمراض الشيخوخة عندما يبدأ جهاز المناعة بالتدهور، باعتباره الخطّ الدفاعي الأول لحماية الجسم من الإصابة بالأمراض ويرتبط بتكوين البروتينات. تضعف وظائف الجهاز المناعي مع التقدّم في العمر وتتراجع قدرته على مقاومة الأمراض ووظيفته في حماية الجسم من الميكروبات والتخلّص من السموم والخلايا الميتة.عناصرهخلايا الدم البيضاء، الطحال، الخلايا اللمفاوية التي تُصنع في نخاع العظام ثم تتخصّص في الغدة التيموسية ويكتمل نموّها بتأثير الهرمونات التي تفرزها هذه الغدة، وظيفتها التعرّف إلى الأجسام الغريبة والقضاء عليها.تتوافر في الدم أنواع من الخلايا التي تحمي الجسم، منها الخلايا التي تقوم بمهمة المناعة الطبيعية والخلايا المسؤولة عن المناعة المكتسبة.المناعة الطبيعية هي خط الدفاع الأول الذي يحمي الجسم من الميكروبات، وتقوم بهذه الوظيفة أنواع من خلايا الدم البيضاء بمعاونة مواد أخرى موجودة في الدم مثل الانترفيرون والانترلوكينات وبعض الأنزيمات والبروتينات... لا شك في أن سوء التغذية ونقص الفيتامينات والأملاح وزيادة الأحماض الدهنية كلها عوامل لها تأثير كبير على الوظائف المناعية في الجسم.عوامل مؤثّرة في درجة المناعةالسن، الجنس، الطقس، السلالة العرقية، الإصابة بالأمراض... عوامل تؤثر على درجة المناعة الطبيعية، وثمة رسائل متبادلة بين الجهاز العصبي والغدد وجهاز المناعة، مثلاً يعمل الكورتيزون وبعض الهرمونات الجنسية على تثبيط جهاز المناعة ما يوضح خطورة تعاطي مثل هذه الهرمونات، بينما يعمل هرمون الغدة الدرقية وهرمون النمو والأنسولين على تقوية الوظائف المناعية.الجهاز العصبي السليم، التكوين العصبي الهادئ، الحالة النفسية المرتفعة، ممارسة الرياضة، العيش في بيئة صحيّة غير ملوّثة يغمرها الهواء النقي وأشعة الشمس الدافئة، الاستقرار، تجنّب المشاكل... ذلك كلّه يضفي استقراراً نفسياً يرافقه توازن في عمل الجهاز المناعي.في المقابل، يؤدي القيام بالأعمال المرهقة والتوتر والإجهاد الزائد في العمل إلى زيادة إفراز المواد المثبطة للمناعة وبعض الهرمونات مثل الكورتيزون ومادتي الانترفيرون والانترلوكين.كذلك، يحدّ التدخين والتعرّض للمبيدات والإشعاع وتناول الأدوية بكثرة من قدرة الجسم المناعية. يتفاوت تأثير الدواء من شخص إلى آخر، لذا يفضّل الاستعاضة عن الأدوية بالمواد الطبيعية كلما أمكن ذلك.يؤدي نظام الحياة السليم دوراً في تقوية الجهاز المناعي، فالنوم العميق المنتظم والتغذية الصحية السليمة وتزويد الجسم بالعناصر الغذائية التي يحتاج إليها... كلها أمور تؤدي إلى جهاز مناعي قوي يتصدى للمشاكل والأمراض خصوصاً مع التقدّم في العمر وخلال مرحلة الشيخوخة.تؤدي الفيتامينات دوراً مهما في أداء الجهاز المناعي وظيفته على أكمل وجه. قد ينشأ نقص المناعة المرافق لأمراض سوء التغذية عن نقص الفيتامينات، فمثلاً يسبّب نقص فيتامين (A) ضموراً في الغدة التيموسية وقصوراً في وظائف الخلايا المناعية.كذلك، يؤثر نقص مجموعات: فيتامينات B و C و E، عناصر الكروم، السيلنيوم، الحديد، الزنك، النحاس، على قدرة الجهاز المناعي وكفاءته ونشاطه. يعطّل نقص عنصر الزنك، مهما كان طفيفاً، جهاز المناعة بما يعادل 20 إلى 30 %، ويعتبر فيتامين B6 أساسياً لانتظام عمل هذا الجهاز.المواد الدهنيّةالمواد الدهنية أسوأ الأنواع الغذائية تأثيراً على كفاءة الجهاز المناعي، فعندما ترتفع نسبة الكولسترول تضعف المناعة، كذلك تقلل الأحماض الدهنية من كفاءة الجهاز المناعي، لذلك يهيئ الإقلال من المواد الدهنية والإكثار من الخضارو والفواكه، التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن، ظروفاً مناسبة ليؤدي الجهاز المناعي دوره بكفاءة عالية.يعمل الكورتيزون، الذي تفرزه الغدة الكظرية الموجودة فوق الكلية، كمرطب طبيعي يسري في الدورة الدموية. ينظّم عمل هذه الغدة وإفرازها مراكز المخ العليا والغدة النخامية. ثمة توازن بين عمل الغدتين الكظرية والنخامية، فإذا زاد إفراز إحداهما يقلّ إفراز الأخرى والعكس صحيح.علامات الشيخوخة ومظاهرها- قصر القامة وتبدو أكثر انحناء إلى الأمام.- انخفاض الكتلة العضلية في الجسم.- ضعف التوازن الجسمي.- ضعف التوازن العضلي الحركي والنغمة العضلية.- ضعف القوى العضلية والقدرة على التحمّل.- ترهّل الجسم.- تجاعيد البشرة. - ظهور الشيب.- فقدان الأسنان.- ضعف الحواس ( النظر، السمع، الشم، التذوق ).- ضعف الذاكرة.- سن اليأس عند النساء.- نقص الخصوبة عند الرجال.مظاهر ترافقها- آلام في الجسم، خصوصاً المفاصل والعظام.- استهلاك زائد للطاقة.- نقص المرونة في مفاصل الرقبة والجذع والحوض.- بعد سن الثلاثين يفقد الجسم من 3 إلى 5% من المحتوى العضلي كل عشر سنوات مع زيادة أكبر بعد سن الستين بحيث تصل إلى 30% كل عشر سنوات بعد سن السبعين. الضعف الأكبر يكون في عضلات الجذع والساقين وهي عضلات مهمة لكل الأنشطة الحركية ولانتصاب القامة ومزاولة الأعمال اليومية.نصائح للاستمتاع بالحياة وإبطاء الشيخوخة- مزاولة أي نشاط رياضي ممتع لمدة 30 دقيقة يومياً، خمسة أيام في الأسبوع.- رفع أثقال معتدلة مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً لمدة 30 دقيقة لتعويض النسيج العضلي.- الحفاظ على الوزن المثالي حسب الطول وتجنّب أي زيادة.- تناول وجبات غذائية صحيّة متنوعة.- تناول تسعة أصناف من الخضار والفواكه على الأقل لقدرتها على مقاومة السرطان.- تناول المأكولات البحرية، خصوصاً السمك السمين، لاحتوائه على أوميغا 3 ولقدرته على الحماية من الكولسترول وأمراض القلب ومشاكل الشرايين.- مضاعفة تناول فيتامين D لتجنب هشاشة العظام وتصلب الشرايين ومرض السرطان.- الاهتمام بالتوابل كالكركم الذي يمنع التأكسد والالتهابات.- التقليل من الحلويات والسكريات.- التقليل من الدهون، خصوصاً الحيوانية المشبعة والمواد الغنية بالكولسترول.- احتساء الشاي وكل أنواعه المفيدة وأفضلها الشاي الأخضر.- الحصول على وقت كافٍ من النوم.- اتخاذ الخطوات الوقائية من الأمراض ومعالجتها إذا حدثت.- الابتعاد عن الضغوط النفسية والتوتر.- القيام بأعمال تطوعية تفيد المجتمع.- مزاولة هوايات وأنشطة ترفيهية مفيدة.- التفاؤل والإيجابية في مواجهة ظروف الحياة.