هل ما قام به الجاهل من إثارة للفتنة بين طوائف المجتمع أمر دخيل على مجتمعنا؟! لا أعتقد ذلك، فالمجتمع وإن "كذبنا" دبت فيه روح الاحتقان الطائفي والقبلي منذ سنوات، أحيانا بدعم حكومي وأحيانا أخرى بسكوت حكومي مريب. يجب ألا تختزل القضية بأنها "شتم لقبيلة واحدة فقط من جاهل"، القصة الحقيقية تكمن في أن هناك طوائف أخرجت من مللها الإسلامية، وهناك فرق سياسية وصفوها بأبشع الأوصاف التي طالت أسرهم، وتجار يهاجمون بنياتهم... إلخ. وكل ذلك كان في صمت حكومي، وتصاريح رسمية هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع. المصيبة هي أن يتحول كل المنتمين إلى فئة شتمت أو احتقرت إلى شريعة الغاب لأخذ حقهم بأياديهم كما حدث في شارع "سامي المنيس" في العديلية، أو مع إحدى القنوات الفضائية التي أختلفُ معها شخصياً من الوريد إلى الوريد، شريعة الغاب هذه لن تحل شيئا من حالة الاحتقان الموجودة في نفوس كل الشعب حاليا، فاليوم أقوم بأخذ حقي بيدي، ويقوم آخر ليأخذ حقه... إلخ. كل هذا الكلام معاد ومعروف لدى أغلبية "واعية" كما أعتقد، لكن تركيزي أود توجيهه إلى جميع الأطياف، فمشكلتنا الكبرى ليست في التمادي أو السكوت الحكومي، مشكلتنا أننا كشعب كنا نقف موقف الحياد أو المتشمّت أو الرضا في حالات الاحتقانات الطائفية، فكنا بذلك نشجع مطلقي الفتن بنوع أو بآخر، فمن غير المعقول والمنطقي أيضا أن أصدق بأن "نائبين" غضبا على فتنة الجاهل، وهما قبلها بأسبوع شككا في ولاء طائفة إسلامية، والآن يدعوان إلى الوحدة الوطنية وتطبيق القانون على من شتم قبيلتهم، وماذا عنكم يا إخوة؟! كلما ضاقت الدائرة ودخلنا حيز "المشتومين" ثرنا، وكلما كنا خارج محيط الدائرة صمتنا! فلماذا نستغرب الصمت الحكومي الذي نمارس نفس دوره؟! كاذب من يقول إنه لا توجد بوادر لأزمات "فتنة" في البلد، وصادق من قال إن الحل بتثقيف الشعب وتوعيته بأن الكويت وجدت من أطياف وأصول وأعراق مختلفة، وهذا سر تميزها، متى آمن المجتمع بهذه الفكرة، فلن نحتاج إلى قوانين "وحدة وطنية" نحتمي بها، فالوحدة تنبع من الشخص لا من القانون. • ملاحظة: لحظة نشر هذا المقال، تكون نتائج انتخابات مجلس الأمة 2012 قد أعلنت، حتى المقال كتب وسلم قبل يوم الاقتراع.
Ad