ينتهك مجلس إدارة الجهاز المركزي الدستور في فرضه العقوبات التالية: تسريح العسكريين من منتسبي الدفاع والداخلية من الذين يثبت تورط أولادهم في المظاهرات، وسحب البيوت الشعبية وإلغاء البطاقة الأمنية وشطب ملف التجنيس والترحيل عقوبة لـ"المتورطين" في التجمع السلمي الذي يكفله الدستور في المادة 44! هل يعقل في بلد المؤسسات و"فصل السلطات" أن تفرض العقوبات من قبل جهة غير قضائية أو حتى قبل حكم القضاء بالإدانة أو التبرئة للمتظاهرين؟ ألم يقر الدستور أن "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون"؟ ولماذا تتم معاقبة الآباء العسكريين؟ هل نمى إلى علمهم أن "العقوبة شخصية" كما يقر الدستور، وأن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً"؟... أي عaار وأي ذل وأي هوان يمارس ضد الإنسان في بلد "المؤسسات"؟ وفي وقت ينشغل فيه المرشحون بأنفسهم عن الانتهاكات الصارخة لدستورهم الذين يدافعون عنه بالشعارات المفلسة، وفي وقت يستقبل فيه المسؤولون توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام لنضالها من أجل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية! تعودنا على تضليل وزارة الداخلية، ففي قضية تعذيب الميموني حتى الموت لفقت في بيانها الأول التهمة للمجني عليه دون دليل أو محاكمة، كما صرحت بأن وفاته كانت بسبب مرضه بالقلب، أما في قضية ضرب النواب فقد تعرض النواب وأستاذ القانون د. عبيد الوسمي لاعتداء وحشي باسم تطبيق القانون! وها هي اليوم تصرح بمخالفة البدون المتظاهرين سلمياً للقانون، بينما يكفله الدستور، وها هي تبطش في ممارساتها الوحشية باسم القانون، بينما مسؤولوها هم الذين ينتهكونه، وهم الذين يجب محاسبتهم. إن ما حصل يوم الجمعة الدامي من عنف وقسوة وضرب بالهراوات والقنابل الدخانية والمسيلة للدموع واعتقالات عشوائية وترهيب وقمع يعد انتهاكاً صارخاً للدستور الذي يقول إن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية"، ومن يسكت عنه من المرشحين لا يستحق التمثيل في المجلس. فأين هم من اعتقال الأحداث وضرب المرأة الكويتية (أم البدون) التي شاهدت بأم عيني عباءتها الملطخة بالطين ويدها الدامية؟ أين هم مما يحدث في مناطق البدون التي لاتزال القوات المتمركزة فيها تمارس الانتهاكات والاعتقالات والضرب العشوائي والسحل والشتم والإهانة والمساس بالكرامة؟ أين هم من الدستور الذي يقر بأنه "لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون، ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة"؟ ألا تكفيهم سنوات الظلم والضيم والإنكار؟ تختزل القضية في الجدل الدائر اليوم برفض المطالبات بالجنسية، وهو حق مسلوب لمستحقيها، لكن ما يتم تجاهله هو أن الكثير من البدون يعيشون تحت خط الفقر، وكل ما يطلبونه هو العيش الكريم... أتمنى على المشككين أن يقوموا بزيارة لتلك المناطق العشوائية المتهالكة في جليب الشيوخ والجهراء والصليبية، ليروا بأم عينهم المآسي التي تعجز عن حملها الجبال... وقد قمت ود. ابتهال الخطيب بزيارة لإحدى العوائل من البدون، وشاهدنا بالعيان حالة ابنهم المحبوس في قفص، لأنه يعاني إعاقة ذهنية وحالة عصبية عنيفة، فدور الرعاية لا تستقبله لأنه بدون! بينما يصرح الجهاز بأن "المعاق يتمتع بخدمات المجلس الأعلى للمعاقين حسب لوائح المجلس". يردد ويبرر المسؤولون أن قضية عديمي الجنسية لا تنفرد بها الكويت... لكن ما يتغافلون عنه هو أن عديمي الجنسية في الدول المتقدمة لهم حقوق، كالعمل والتعليم والضمان الاجتماعي، تكفلها الاتفاقية الدولية لعديمي الجنسية، التي لم تصادق عليها الكويت! ليصبح عديمو الجنسية في الكويت ضحايا الحكومات المتعاقبة التي تعترف بتطبيق سياساتها المتشددة اللاإنسانية لخمس وعشرين سنة، فضلاً عن سلب حقوق المستحقين للجنسية، باعترافها كذلك، طوال هذه السنوات. الديمقراطية التي لا تحمي حقوق الإنسان تنتج شوفينيين ومدعي الوطنية الذين يخفون قبحهم بمساحيق شعارات الديمقراطية واحترام الدستور.
Ad