فرِحٌ أنا في هذا الرمضان... أشعر أن هذا الرمضان كريم فوق العادة، بهيٌّ كما لم يكن من قبل، الربيع العربي مازال يانعاً مازال يُزهِر... مازال يملأ العيون بجمال خُضرته، ومازالت الأصنام تتساقط وتترك مساحة مكانها للدماء كي تُزهر، ومازالت أغاني الحرية تتعلق بأجنحة الطيور، حاملة فرشاة ألوانها لتصبغ سماواتنا الرصاصية بألوان قُزح، والدماء التي سالت في الشوارع والبيوت تجني ثمر آهاتها، والكرامات التي أهدرت مازالت قادرة على الانتقام لعزتها.

Ad

العيد هذا العام يأتي بجديد، على خلاف الأعوام العديدة السابقة.

بلغوا المتنبي أن عامنا هذا لم يأت بما مضى بل بأمر فيه تجديد.

العيد هذا العام... يأتي رسولا للأمل... وللبهجة، يأتي حاملا حلوى الحياة ليدسّها في جيوب الكبار قبل الصغار

حاملا حناء الفرح ليزيّن بها كفوف النساء, حناء لم تعتدها أصابع الحسناوات من قبل، حتى الأطفال... سيكون عيدهم هذا مختلفا عما سبقه من أعياد، ستكون أناشيدهم مختلفة فيه، ستخرج أناشيدهم ليس من الحناجر فقط كما في كل عيد، بل ستخرج من أعماق قلوبهم، مجدولة بضفائر الغيم، الربيع العربي مازال يختال ضاحكا، رغم أنف الرصاص، رغم أنف البنادق، رغم أنف "الشبيحة" في مكان ما، وأنف "المرتزقة" في مكان آخر.

وبرغم الجبروت والقسوة... مازال هذا الربيع يؤتي أُكله. ستائر الظلام تسقط ستارة بعد أخرى، ويبزغ فجر جديد.

وقوى الظلم تهن قوة بعد أخرى، وترتفع يد العدل. تُقبر أصوات الباطل صوتا بعد صوت، ويصدح صوت الحق

ومازلنا نترقب البقيّة.

كل الطواغيت ظنوا أنهم في منأى عما يحدث، كلهم ظنوا أنهم محصنون بما أوتوا من قوة وسلطان على العالمين، كلهم قال إن ما حدث هناك لن يحدث هنا، قالوها بنرجسية عمياء، وبثقة يملؤها الغرور، ولم تمض فترة إلا ودارت على الظالمين الدوائر، زُلزلت الأرض تحت أقدامهم فانهاروا، لم تردّ عنهم أسلحتهم هذا السيل الجارف، ولم تحمِهِم كل أجهزتهم الاستخباراتية، ولا الحرس المدجج، لم يردع وعيدهم، ولم تنفع وعودهم في اتقاء حمم البركان المتساقط فوق رؤوسِهم، ولم يعتبروا مما حدث مع غيرهم من قبل، منعهم من ذلك الغرور،

ذلك الغرور الذي أخرج إبليس من الجنة، ها هو يُخرجهم من جناتهم خائبين، ها بعضهم يفرّ بحثا عن مخبأ، أو ملجأ أو مُعين، الغرور الذي منعهم من أخذ العِظة، وتدارك الأحوال قبل فوات الأوان، مازال الربيع العربي يهدي بشائره، ومازال بعض الطغاة في غرورهم يعمهون، قال تعالى: "فمن أبصر فلنفسه، ومن عمي فعليها" صدق الله العظيم.

سيدرك هؤلاء الظالمون بعد الأوان أن الدرس واحد وإن لم يفهموه، وسيرددون جملة زين العابدين وفي ذات الوقت تقريبا: "الآن فهمت"!!!

أغنية للمناسبة:

بكره بيجي أحلى

بكره بيجينا غير

والشر لو يكبر

العاقبه للخير

يا ابنادم المغرور

لا يخونك التقدير

لا تزرع الحنظل

وترجي زهَر نوّير