تكاد وسائل الترفيه والتسلية في الكويت تكون شبه معدومة، ومع ذلك نحرص ككويتيين على تسلية أنفسنا على الرغم من جميع الأشياء التي تحثنا على عدم الفرح أهمها مجلس الأمة، ولكني سأركز اليوم على أهمية الكوميديا في حياتنا، فلولا الضحك لمات الإنسان حزنا، والضحكة هي الوسيلة الأفضل لقضاء وقت سعيد من أصدقائك ومن تحب من الناس، ناهيك عن الفوائد الصحية الكثيرة التي يسببها الضحك، ومنها زيادة مرونة أوعية القلب وتقوية عضلات البطن وتقوية جهاز المناعة، والأهم أنه يخفف من حدة الألم عن طريق رفع مستوى إفراز مادة الأندروفينس.

Ad

ولكن أين وسائل الضحك؟ فالمسرح الكويتي الحالي يعج بوسائل رخيصة للتسلية، وهي «الطنازة»، أي السخرية إما من شكل أو أصل أو لون أو حجم من أمامك، زارعين في جيل كامل سلوكيات غير محترمة تعتمد على تقليل شأن الآخر لإضحاك الناس على نواقصهم، وإن كانت تلك وسيلتنا في الضحك فإنه لمن العار أن نضحك في هذه الحالة.

ولحسن حظي شاء القدر أن أحضر قبل حوالي أسبوعين ما يسمى (stand up comedy show) الذي يعتمد على عرض يقف به شخص واحد أو أحيانا مجموعة أشخاص، يقومون بسرد قصص تحتوي على كثير من المواقف الاجتماعية المضحكة، وهي تعتمد على كوميديا الموقف مع سرد ذكي من الكوميديان، تلك العروض غالبا ما تكون في الدول الأجنبية ولكن العدوى انتقلت في السنوات الأخيرة إلى مصر ولبنان، وهناك بوادر جيدة لشباب في الخليج.

 شاركت في العرض الشابة الكويتية هدى معرفي، وهي مبتدئة ولكنها استطاعت أن تجعل الجمهور يستغرق في الضحك بسبب سردها المضحك للمواقف بالإضافة إلى الشاب الفلسطيني الذي يعيش في الكويت محمد أكوا كما يطلق على نفسه، والذي تقنن في إضحاك الجمهور، وكان الختام بالسعودي فهد البتيري الذي استطاع أن يخلق كوميديا ساخرة عن الأوضاع في الخليج، واتسمت نكاته بذكاء.

 هذا النوع من الكوميديا نحتاجه وبشدة هنا في بلد يمنع الحفلات الغنائية، وإن حدث لا سمح الله وهز شاب كتفه وجد أيادي الأمن تتحاذفه وكأنهم خاطفو الفرحة في مولدها، إذ أصبحت الحفلات مقتصرة على هلا فبراير والأعياد، وباقي العام نعاني إفلاسا من أي عروض كوميدية أو مسرحية محترمة أو حتى حفلات غنائية لجمهور عائلي فقط.

ومن الجدير بالذكر أن العرض الكوميدي الذي حضرته بعنوان (laugh for life) ذهب ريعه إلى مرضى «الداون سندروم»، وتلك بادرة جميلة جدا أن يتم توظيف الكوميديا من أجل القضايا الإنسانية،

فمن خلالها نستطيع أن نوصل الكثير من الرسائل الإنسانية، ويتم التعبير عن قضايا التمييز العنصري ومشاكل الاغتراب وغيرها من القضايا الحياتية وأحيانا السياسية؛ بغرض إضحاك الجمهور مع جرعة من الرسائل الهادفة.

وعلى الرغم من سعادتي بوجود بوادر لكوميديا مختلفة فإنني على يقين من أنها لن تلاقي التشجيع، وستكون مقصورة على العروض ذات الطابع الخيري أو الجامعي.

ولكني أتمنى أن تتغير الكوميديا في الدراما الكويتية بالذات، وأن تخرج من عباءة السخرية من أصول الآخرين وأشكالهم وأحجامهم، وأن تتطور لتصبح شبيهة بتجربة «طاش ما طاش» السعودية التي استطاعت الاستمرار سنوات طويلة، لسبب بسيط أنها دراما تسخر من الأوضاع الاجتماعية ولكن بشكل ذكي ومدروس يستطيع أن يضحكك دون التقليل من شأن الآخرين.

قفلة:

عندما يساهم مجلس الأمة بنشر ثقافة الضرب والشتم وتعزيز الطائفية والقبلية أشعر بخزي كبير، لأن أهم صرح في هذا الوطن هو الصرح الذي تتم فيه مثل هذه التصرفات، فكيف لي أن ألوم المسرح والدراما إن كان الواقع قبيحا؟