هل أنا في مشكلة؟!
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
هذه القصة التي كنت قرأتها في كتاب «هل فات الأوان لتبدأ من جديد؟» لباسل شيخو، تنتهي إلى هذا الحد، ولا أدري إن كان ابن سينا قد تمكن بعدها من تزويج المريض العاشق من محبوبته، أو أنه قد أخضعه لعلاج نفسي لعلاجه من الآثار الانسحابية فصرفه عنها إلى من سواها، أو أن العاشق، وهذا محتمل أيضا، قد قضى نحبه من اضطرابات القلب الناتجة عن العشق. بالرغم من أن القصة خيالية بعض الشيء "وقوية" كما نقولها في اللغة الدارجة، إلا أنها ليست بعيدة كثيرا عن الحقيقة. لا أعني الجزئية المتعلقة بأن من يعشقون قد يمرضون، ولا أعني طريقة فحص العشاق من خلال جس نبضهم، لكن ما أقصده هو أن نفس الإنسان تقع يوميا تحت عشرات المؤثرات والضغوط الخارجية، من مختلف الأنواع والمصادر، كالعمل والبيت والشارع، وبمقدار ما أنها تتأثر نفسيا بذلك، فإنها قد تعكس هذا التأثر في هيئة اعتلالات عضوية يمكن لها أن تكون غريبة أحيانا، وقد لا تتوقف عند تسارع النبض مثل صاحبنا العاشق الولهان الذي قبض عليه ابن سينا بالجرم المشهود!سأوضح أكثر من خلال مثال. تشير بعض الدراسات الطبية إلى أن قرابة 20 في المئة من حالات آلام أسفل الظهر، والتي هي بالمناسبة السبب الأول في قائمة أسباب التغيب المرضي عن العمل، تعود لأسباب نفسية بحتة ولا علاقة لها بأي خلل أو إصابة عضوية، بل أزيدكم بأن بعض الدراسات الطبية تشير إلى أن الضغوط الناشئة عن العمل ومصاعب الحياة هي من أهم الأسباب النفسية المؤدية إلى آلام الظهر والاضطرابات المعوية والصداع واضطرابات النوم وغير ذلك!الإنسان الذي يتجاهل، أو يجهل، مسببات هذه الاعتلالات الصحية الظاهرية قد يدخل نفسه في دوامة لا تتوقف من المشاكل الوظيفية والحياتية والنفسية، مما يوصله في بعض الأحيان إلى حالة بالغة السوء وربما إلى شفير الانهيار، لكن علاج الأمر في الحقيقة ليس بتلك الصعوبة، وإن كان أحيانا قد يتطلب بعض الوقت.كل ما يحتاجه الإنسان أن يعترف أولا بأنه يعاني مشكلة في عمله أو حياته الاجتماعية أو علاقاته وأنه عاجز عن معالجتها بنفسه، ويحتاج إلى المساعدة، ثم يسعى إلى استشارة العارفين المختصين القادرين على مساعدته، وهنا سأختم بالقول: لينظر كل واحد منا إلى أوضاعه، وليسأل نفسه، هل أنا من هؤلاء يا ترى؟ هل تراني أنظر في الاتجاه الخطأ بحثا عن سبب لمشاكلي؟ هل أنا بحاجة للمساعدة؟ هذه أسئلة مهمة جدا، وطرحها والإجابة عنها بصدق هما أول طريق العلاج.