الثورة الليبية لم تكن وليدة المصادفة بل كانت النار تحت الرماد التي حركها بوعزيزي بين جموع الشعب العربي، حيث تلقفها أبطال الثورة في مشهد أجبر العالم على الانتصار لثورته لينتزع حريته وليعود بعد ذلك إلى مكانه الطبيعي.

Ad

لقد وصلني اتصال من طرابلس يبشرني بتحرير ليبيا من الطاغوت معمر القذافي، وعن اليوميات التي قضوها وهم يتنظرون ساعة الفرج، فكان ردي عليهم بقوله تعالى: "وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ". آل عمران الآية (178).

شجون هذا الاتصال انقسمت إلى ثلاثة أجزاء: الأول ما قبل الثورة، والثاني أثناء الانتفاضة الشعبية، والثالث ما بعد السقوط والتحرير من طاغية تجلت صورته الشيطانية بجنون العظمة والاستعلاء في كل ما فعله على مر السنين التي حكم فيها شعب ليبيا، لكن لكل بداية نهاية، إذ كان الشعب الليبي على موعد من معانقة المجد والحرية عندما استجاب للربيع العربي، فكيف لا وهو يقع بين عرين الأسود في تونس ومصر؟

قال تعالى: "وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"  آل عمران الآية (180).

الحديث عما قبل الثورة دار حول حكاية رئيس أخذ بجريرته شعبا كاملا في واحدة من أكثر القصص غرابة، حيث اختزل كل الشعب الليبي في شخصه عبر كتابه الأخضر والتنظيمات الشعبية التي ابتلي فيها الليبيون على مر العقود الأربعة التي حكم فيها واحد من أسوأ حكام العصر بعد صدّام، فهما وجهان لعملة واحدة بطشا وقتلا، وأفقرا شعبهما وأدخلاه في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، رغم ما يملكانه من خيرات نفطية وسياحية كانت كفيلة بوضعهما في مصاف الدول المتقدمة.

مدينة الخوف التي صنعها القذافي تساقطت أمام إرادة الشعب، وهي رسالة لكل الأنظمة القمعية، فقد استطاع ثوار ليبيا بكل أطيافهم تفتيت هذا الصنم، والتعامل مع خطابته وابنه "زيف الإسلام" التي كانت كفوازير رمضان، التي حلها الشعب الليبي واستلم جائزتها قبل العيد بهروب طاغيتهم ومرتزقته كالجرذان، ومازالت بعض الجوائز النقدية في انتظار من يقبض عليه على غرار من سيربح المليون.

الثورة الليبية لم تكن وليدة المصادفة بل كانت النار تحت الرماد التي حركها بوعزيزي بين جموع الشعب العربي، حيث تلقفها أبطال الثورة في مشهد أجبر العالم على الانتصار لثورته لينتزع حريته وليعود بعد ذلك إلى مكانه الطبيعي.

الصورة التي وصلتني من داخل طرابلس عن تقاسم الماء ولقمة العيش أعادتني إلى حال الكويتيين إبان الغزو الغاشم، وكيف تلاحموا تحت راية الوطن، وهذه حال كل الشعوب الشريفة في الشدة.

قبل الختام نسأل الله أن يبارك لحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح ولسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح، ولكل الشعب الكويتي، وللأمة العربية والإسلامية بعيد الفطر السعيد، أعاده الله علينا وعليكم بالخير.

ملحوظة: نذكّر قراءنا الكرام بأننا سنعود إلى الكتابة حول الاختلالات الهيكلية وأثرها في التنمية.

ودمتم سالمين.