نجوم أوروبا... وأحقادها
يبدو أن النجوم الصفراء الاثني عشر التي تزين الخلفية الزرقاء لعلم الاتحاد الأوروبي لم تعد تمثل الكمال والوحدة اللذين صمم العلم خصوصاً لأجلهما، فتلك النجوم التي كانت تضاهي نجوم السماء منذ تأسيس الاتحاد الأوروبي في خمسينيات القرن الماضي، تختلف كثيراً عن تلك النجوم التي تزين العلم نفسه في حقبة ما بعد 2008، والتي لم تعد "مدعاة للفخر" لدى كثير من الأوروبيين ممن أعيتهم الأزمة الأخيرة.
ومع بدايات الأزمة المالية في 2008 وصولا إلى تفاقم أزمة الديون السيادية الأوروبية، شاع الحديث عن مشاعر الكراهية وانعدام الثقة بين كثير من أطراف الاتحاد الأوروبي، وزاد الحديث عن المخاوف والأحقاد والاختلافات التي سلم بها رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي حين دعا في اجتماع بميونخ إلى عدم الانجراف وراء أحقاد الماضي قائلاً: "إننا لا نحتاج إلى ظهور شبح الماضي مرة أخرى في أوروبا".الأحقاد التي تحدث عنها مونتي قادت أوروبا في القرن العشرين إلى نزاعات عقائدية وحدودية وإيديولوجية قديمة نشبت بين فرقاء وجيران أوروبيين في بقاع القارة ونواحيها، أما تخوفه من ظهور شبح الماضي مرة أخرى، فتفسره العلاقات التي بدأت بالتأزم بين دول أوروبا، خصوصاً في ضوء انتقادات متبادلة فيما بينها بشأن تضارب السياسات الاقتصادية والقواعد المالية التي تتبناها بعض الأطراف ويرفضها آخرون. لاشك أن مثل هذه "الأحقاد" التي أخذت تنتشر بين الأوروبيين وتعمل على تقويض التماسك السياسي في الاتحاد الأوروبي ومن ثم تفسخه، لهي نفس "الأحقاد" التي تحدث عنها ماريو مونتي محذراً من ظهورها. على أوروبا التمسك بالأيقونة المرسومة على علم الاتحاد الأوروبي، وإلا سيصبح الحديث عن الانهيار حتمياً، والحديث عن "تنكيس" العلم ليس محرماً.