عندما تقوم المرأة بفعل حسن يتم وصفها بأنها أخت الرجال. لا أعرف من أين جاءت هذه المقولة، ولكنها تأتي ضمن سياق المجتمع الذكوري، الذي يضع المرأة في مرتبة دونية. الحقيقة أن المرأة هي الأصل وليس الرجل مهما جرت من محاولات لعكس ذلك. قد يتصور البعض أن المسألة ترتبط بالدين أو بالمجتمعات الشرقية، التي تقل فيها مكانة المرأة عن وضعها في الغرب مثلاً، إلا أن ما تثبته الدراسات والإحصاءات يفيد بأن محاولات تقييد المرأة والنظرة الدونية إليها هي حالة ذهنية نتاج لمجتمع ذكوري لا تكون فيه المرأة إلا تابعاً أو كمّاً إضافياً. يحدث ذلك في كل المجتمعات تقريباً، وما يختلف هو الدرجة والشكل، ولكن العقلية واحدة. أقول قولي هذا، ونحن مقبلون على انتخابات برلمانية، تتعرض فيها المرأة المرشحة لحملة شعواء للتقليل من فرص فوزها في الانتخابات المقبلة، من خلال أنها فشلت في البرلمان. ففي حين فاجأ فور المرأة بأربعة مقاعد في الانتخابات الماضية الكثيرين، ظل أعداء مشاركتها في الحياة العامة وأصحاب النظرة الدونية يتحينون الفرص لإثبات فشلها، وأنها لا تصلح للعمل السياسي متناسين طبعاً، وعن قصد، أن فشل العملية السياسية عندنا كان، ومازال، مسؤولية الرجل بالدرجة الأولى، فالمرأة لم تشكل حتى الآن أكثر من ٨٪ من المجلس، وتجربتها مازالت الأولى، فكيف يريدنا أصحاب ذلك الرأي أن نقبل منطقهم؟ مَن أفشل حياتنا السياسية وأوصلها إلى حالة الاحتقان التي يشكو منها الجميع هم الرجال، فإن كانت هناك نسبة تنسب إلى المرأة في ذلك فلن تتجاوز ٨٪ من ذلك الفشل على أكثر تقدير. أما من حيث التقويم المنهجي لمدى نجاح المرأة من فشلها في البرلمان، فقد دلت الدراسات على أن أداء المؤشرات البرلمانية، كالمشاركة في اللجان والتصويت والحضور، تبدو فيه النساء البرلمانيات قد تفوقن بمراحل على أقرانهن من النواب. بالطبع لا يتضمن ذلك تقييم مواقفهن السياسية؛ فذلك التقييم يدخل في الإطار الذاتي لا الموضوعي. هل ستفوز المرأة في الانتخابات القادمة؟ الحقيقة أن الموضوع لم يعد مهماً، فالأهم من ذلك هو أن المرأة قد حصلت على حقها السياسي، وجعلت ممن أعلنوا موقفهم ضدها يتراكضون طلباً لودها السياسي بالطبع، وأن ذلك الحق السياسي ليس إلا مدخلاً لاستكمال آدمية المرأة في طريق طويل، ليخرجها من مجرد أخت للرجال إلى شريكة حقيقية في صناعة القرار. بوصول المرأة إلى المجلس في الانتخابات الماضية، تم كسر الحاجز النفسي، فلنصوت لصاحب الكفاءة، امرأة كان أو رجلاً، فقد تجاوزنا ذلك النقاش البليد منذ ٢٠٠٩، ولم يعد مهماً إن فازت المرأة أو لم تفز، وأصبح وجودها أمراً واقعاً، وهو ما كان يفترض أن يكون منذ زمن بعيد. فالحق في المشاركة السياسي، قبل هذا وذاك، هو حق إنساني يجب ألا نفرق فيه بين امرأة ورجل.
أخر كلام
هل تفوز المرأة؟
21-01-2012