مؤشرات فشل الحكومة في معالجة المشاكل العامة لا تخطئها العين، إذ إنها تتوالى الواحدة بعد الأخرى، فمن فشلها في معالجة مشكلة "البدون" وصولا إلى فشلها في تطبيق القانون في منطقة الشويخ الصناعية التي رصدت فيها "الهيئة العامة للبيئة" عدداً تجاوز الـ3000 مخالفة تتراوح بين تغيير نشاط التراخيص والتعدي على أملاك الدولة إلى انتهائها قبل مدة طويلة.

Ad

يضاف إلى ذلك فشل الحكومة في الرد على الاتهامات القوية والمباشرة بتورطها في قضايا الفساد ورعايتها لبعض أطرافه، خصوصا بعد فضيحة "الإيداعات المليونية" المتهم فيها ثلث أعضاء مجلس الأمة، وهم من الذين- وياللمصادفة العجيبة!- يؤيدون الحكومة "على طول الخط"، أو يتهمونها بالتورط في قضية "التحويلات المالية الخارجية" والمتهم فيها رئيس الحكومة مباشرة، ناهيكم عن فشلها في تطبيق القانون الذي يلزمها بالمراجعة الدورية لسياسة الرواتب والأجور في الدولة، وتعديلها بما يتناسب مع غلاء الأسعار، ونسبة التضخم النقدي، وهو الأمر الذي أدى إلى المطالبات العديدة بتعديل الرواتب من قبل العاملين في أجهزة الدولة، والتي انتهت في بعض الحالات إلى الإضراب عن العمل نتيجة لمماطلة الحكومة، والتي سرعان ما تستجيب لمطالب العاملين بعد الإضراب مباشرة، ما يعني أنها كانت مطالب محقة.  زد على ذلك فشل الحكومة في تنفيذ ما أسمته "الخطة التنموية"، حيث ازداد اختلال تركيبة القوى العاملة الوطنية، ولا تزال قضية تمويل المشاريع الإسمنتية التي وردت في "الخطة" تراوح في مكانها، بل تعمق الخلل الرهيب في التركيبة السكانية، حيث أصبح المواطنون أقلية صغيرة في وطنهم.  كما فشلت الحكومة أيضا في التنبؤ بمشكلة القبول الجامعي، وتعاملت معها ليس كونها جزءا من سياسة التنمية البشرية، بل على أساس أنها مشكلة مؤقتة تعالج "بالمسكنات"، وهو الأسلوب ذاته الذي عالجت به مشاكل عامة كثيرة مثل: فساد اللحوم والأغذية، ومشكلة التلوث البيئي، خاصة في منطقة "علي صباح السالم"، ومشكلة العمالة الهامشية التي تجوب الشوارع، وتشكل ضغطا على الخدمات العامة من دون أن يكون لها أي قيمة مضافة إلى اقتصاد البلد، ومشكلة البطالة بين صفوف الخريجين، وغير ذلك من المشاكل العامة التي فشلت الحكومة فشلا ذريعا في معالجتها بشكل صحيح.

هذا بالطبع لا يعني أن الحكومة تملك عصا سحرية تستطيع من خلالها حل المشاكل العامة في لمح البصر؛ بيد أن الحكومات الجيدة تتنبأ بالمشاكل العامة قبل وقوعها، وتضع سياسات وقائية لمنع حدوثها، ثم تواجهها في الوقت المناسب قبل أن تكبر وتستعصي على الحل، وفي كل الأحوال فإن الحكومات الفاعلة تعمل بشفافية تامة، وتصارح الناس إن كانت تواجه عقبات تمنعها من تحقيق أهداف السياسات العامة، وتجعلهم يساهمون في التصدي للمشاكل العامة، ويكون لهم دور في إيجاد الحلول المناسبة.

أما حكومتنا فإنها في أحسن الأحوال تلوذ بالصمت المريب، وتتهرب من المواجهة العلنية حتى داخل قاعة "عبدالله السالم"، بل تلجأ كثيرا إلى طلب "الإحالات"، إما إلى المحكمة الدستورية وإما إلى اللجنة التشريعية أو تطلب تحويل جلسات مناقشة الاستجوابات إلى جلسات سرية، وهو دليل ضعف وارتباك وعدم قدرة على المواجهة العلنية، وتوضيح الحقائق للمواطنين الذين من حقهم أن يعرفوا كيف تدار شؤون حياتهم، وكيف يتم التصرف بأموالهم العامة، ما يعني أنها هي بذاتها، أي الحكومة، أحد أسباب المشاكل العامة التي يعانيها البلد.