شاركت في العديد من المؤتمرات والاجتماعات المعنية بأخذ المشاكل وحلولها من الشباب، ووضعنا العديد من التصورات مع جهات أذكر بعضها وأنسى معظمها, حتى أصبح هذا الموضوع مادة للتندر بين الأصدقاء، ولكن أليس هذا أفضل من الـ«تحلطم»؟

Ad

في السنوات الماضية تعاملت مع مجموعات كبيرة من الشباب من مختلف الأطياف سواء بالتوجه السياسي أو الفكري أو حتى العقائدي، وتحاورت مع مختلف البيئات الاجتماعية، وذلك بحكم عملي في الانتخابات الجامعية مع قائمة «الوسط الديمقراطي»، وما لاحظته هو نتيجه قد لا تقيسها المؤشرات العالمية ويعرفها فقط من طحن برحى هذا المجتمع أن جميع هذه الفئات يجمعها اليأس.

تحدثت في مقالي السابق عن ثقافة الهجرة المتولدة لدى الشباب بسبب اليأس، ولكن ما لا يعلمه المسؤولون أن اليأس يتسرب إلى الشباب بشكل تدريجي بداية من اختيار اللاعبين لفريق كرة القدم بالمدرسة أو بالطلبة الذين سيمثلون في المسرحية، ومن ثم بالعائد الذي ينالونه من الاشتراك بمسابقات المنطقة التعليمية– إن وجدت- مرورا بمراكز الشباب، وإصدار رخصة القيادة، ودرجات الجامعة، ومن ثم الوظيفة، ومن يعيش في المجتمع الكويتي يعلم تماما ما أقصده مما ذكر.

إن الكويت وللأسف أصبحت دولة تكافئ المخطئ والمقصر والكسول، ولا تكتفي بهذا فقط، بل تعاقب المنضبط النشط والمحترم للقانون، بدءا من توزيع الشاليهات وانتهاء بالمطالبات الوقحة لإسقاط القروض، وهذا يضعنا في خطر، خصوصا مع الوضع الاقتصادي المتردي لأن الشعب أصبح ينظر إلى دولة رعوية، وينتظر منها المزيد دون أي يعتقد أنه يجب أن يبذل شيئا، فالجميع يتذكر المادة (25) من الدستور: «تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة...» ويتناسون عمدا المادة (17): «للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن»، والمادة (8): «تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين»، وإن لم ينعم علينا الله بجيل ذهبي في السياسة كنظيره الرياضي في الثمانينيات وبمرعب سياسي كالمرعب الرياضي جاسم يعقوب، يخلص الأمور ويضع الكرة في الشباك بأسرع الطرق إثر تعاون فريق كامل ينسى أفراده أنفسهم... فعلى الكويت السلام.

ختاما، أنا مؤمن أنه في لحظة ما من لحظات اليأس سينفجر الشباب بالأمل، ويزيحون «شياب» الروتين، لتعود الكويت كما كانت، وحتى ذلك الوقت نردد قول أمير الشعراء:

«فَعَلِّمْ ما استَطَعتَ لَعَلَّ جيلاً ... سَيَأتي يُحدِثُ العَجَبَ العُجابا

وَلا تُرهِقْ شَبابَ الحَيِّ يَأسًا ... فَإِنَّ اليَأسَ يَختَرِمُ الشَبابا».