هناك قدر من التشابه بين ما صار يعرف في أدبيات العلاقات الدولية بـ «أزمة الكويت»، وهي الأزمة التي انطلقت بعد إعلان استقلال الكويت في 19 يونيو، وما تبع ذلك بأسبوع تقريباً من مطالبة رئيس الوزراء العراقي عبدالكريم قاسم بتبعية الكويت للعراق، وبين احتلال العراق للكويت الذي حدث إبان حكم الدكتاتور صدام حسين للعراق في الثاني من أغسطس 1990.

Ad

ربما كان أحد أهم عناصر التشابه هو العنصر القائم على سوء التقدير للحدث، وحيث إن الهدف من سلسلة المقالات هو التركيز على جوانب غير مطروقة من أزمة الكويت سنة 1961، وليس مناقشة أحداث الغزو، والتي ستحل ذكراها علينا بعد حوالي 3 أسابيع ومازلنا، كشعب كويتي، حتى هذه اللحظة، لا نعرف ماذا جرى، بشكل رسمي، كيف تم الغزو، بالطبع نعرف الجانب المعلن من صلف وغرور وعدوانية صدام كذلك نعرف أن الحكومة تواطأت مع مجلس أمة 1992 في تحويل لجنة تحقيق مستحقة إلى لجنة تقصي حقائق، وبعد أن أنهت اللجنة مهمتها أصبح تقريرها سرياً، ولولا بعض التسريبات المجتزأة للإعلام لما عرف الناس فحوى تقرير يروي حكاية مؤلمة، ضاعت نتاجاً لها البلاد والعباد، والأهم من ذلك شهداء افتدوا وطنهم بأرواحهم الطاهرة.

من المفترض أن يقوم مجلس الأمة بطباعة تقرير لجنة تقصي الحقائق لكي يصبح وثيقة عامة يفهم منها الناس حقيقة ما جرى. وحتى تتم طباعة ذلك التقرير وتعميمه سنظل تحت القناعة بأن السلطتين التشريعية والتنفيذية تواطأتا في إخفاء الحقيقة.

في حالة 1961 لم يكن الشيخ عبدالله السالم مرتاحاً لدعوة القوات البريطانية، بل وكما سنعرف لاحقاً، أنه ظل ولآخر لحظة يرفض دعوتهم حتى جاء تقرير الاستخبارات البريطانية من السفارة، ببغداد 2/6/1961 ومع عدم اقتناع المعتمد السياسي البريطاني (السفير لاحقاً) بالكويت سيرجون ريتشموند بتلك المعلومات، فقد أبلغه بنصيحة الخارجية بضرورة أن يطلب القوات للدفاع عن الكويت بمواجهة تهديدات قاسم، أما موقف عبدالله السالم من الوجود العسكري فإنه يستحق إسهاباً أكثر.

فبموجب رواية منسوبة للشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، نقلها أحد الباحثين قال فيها إنه وبعد أن اتخذ الشيخ عبدالله السالم قراره بطلب قوات بريطانية دخل عليه فوجده مكتئباً، وقد اغرورقت عيناه بالدموع ليقول «خلال ستين سنة من الحماية البريطانية للكويت لم تطأ قدم أي جندي بريطاني أرض الكويت. واليوم فإنني لا أملك بديلاً عن طلب المساعدة العسكرية من بريطانيا لحماية شعبي الذي أشعر بمسؤوليتي تجاهه، ولا أريد لهم أن يتعرضوا لأي إذلال أو مهانة».

إذاً قرار عبدالله السالم لم يكن سهلاً عليه، وإن كانت المسألة أكثر تعقيداً كما سنرى لاحقاً.