إن من يتابع الملاحق الثقافية في الصحف العربية سيجد نوعاً من التذبذب، وربما الارتباك في مسيرة هذه الملاحق على صعيد المادة المنشورة وعلى صعيد الصورة وحتى التصميم، فهناك أعداد دسمة تستطيع أن تلجأ إليها في حالة الضرورة، لكن في المقابل تجد أحياناً أعداداً فقيرة لا ترقى إلى المستوى المطلوب، وقد لا تليق بملحق أسبوعي يحاول أن يعيد الاعتبار للثقافي والفني كموضوع للسؤال والجدل والارتقاء بما هو جمالي في الفعالية الثقافية في هذه البلدان، وأنا هنا أتحدث عن الملاحق الثقافية تحديداً لا عن المجلات الثقافية المتخصصة بفروعها المختلفة، وإذا كان الملحق، أي ملحق قد يستقطب عدداً لا بأس به من الكتاب وكتاب الأعمدة، فإنني أرى أن هذا التوجه السليم ينبغي أن يتضاعف لتنفتح النوافذ على مصاريعها لما هو ثقافي جاد، بعيداً عن المفهوم الاستهلاكي للثقافة، وإذا كانت الملاحق الثقافية تختلف من بلد عربي إلى آخر، وهذا أمر طبيعي بحكم ريادة بعض البلدان في هذا المجال، فإن واحدة من الإشكاليات المطروحة في منطقة الخليج والجزيرة العربية على صعيد العمل الثقافي بشكل عام، هو هذه الارتباكات غير المفهومة، بحيث لا تتم الاستفادة من التراكم الثقافي والمعرفي من أجل استقراء ما هو ثقافي وتنشيطه، حتى ليبدو كأنه في كل مرة يتم البدء من الصفر، وبالتالي يشكل عودة أو تراجعاً عن المنجز السابق.
لقد آن الأوان لخلق تقاليد ثقافية وصحافة مهنية في فضاء من الشفافية والانفتاح والحرية، وأشدد على الأخيرة لأن الكاتب في النهاية لا يملك سوى حريته في قول ما يريد في إطار من المسؤولية والجدية. وفي هذا الصدد أتساءل لمَ لا تفكر هذه الملاحق إلا في ما ندر بتخصيص محاور أو ملفات قد تكون مرجعاً مفيداً في ما بعد؟ كأن يكون الملف عن الشعر الفرنسي الراهن أو الرواية في إسبانيا أو البرتغال الخ.بالاتفاق مع متخصصين في هذا المجال، كما يمكن أن يكون الملف عن علاقة الشاعر أو الكاتب أو الفنان بالمكان أو الطفولة أو موضوعة البحر كمقاربة شعرية وجمالية الخ، الموضوعات كثيرة يكفي أن تتوافر الرغبة والإرادة.هناك نقطة أخرى في غاية الأهمية وربما كانت الأساس لإعطاء هذه الملاحق زخماً ثقافياً أكبر، وهي تتعلق بالنظر بجدية، من المؤسسات الصحافية في الاستحقاقات المالية للكتاب المساهمين في الملحق، ولن تنهض وتستقيم هذه الملاحق إذا تم إهمال هذا الجانب، وأنا أعرف أن بعض الكتّاب يعتمد من أجل تصريف أموره الحياتية والمعيشية، أقول يعتمد، بشكل أساسي على الكتابة في الملاحق لانعدام بدائل أخرى.من جهة أخرى ينبغي الانتباه– وهذه ليست مسألة شكلية بل جمالية– للصيغة الإخراجية لأي ملحق، وربما كان من الأفضل الاستعانة ببعض الفنانين والمصممين القادرين على إيجاد صيغة جمالية مقبولة.أما في البرهة الراهنة وفي خضم التحولات والأحداث الكبيرة الجارية في العالم العربي، وفي عمق هذا الحراك الذي يقوده جيل من الشباب باستخدام مختلف الوسائط الإعلامية الحديثة وآخر مبتكرات التكنولوجيا الدقيقة فقد حان الوقت للتفكير في تفعيل البعد الثقافي في صفحات وملاحق الصحف العربية وإبراز القيم الثقافية والإنسانية المنفتحة بروح خلاقة، بعيداً عن المفاهيم الأحادية أو الأيديولوجية المتحيزة، بل وإشراك هذا الجيل الشاب في الفعل الثقافي الحقيقي سواء أكانت هذه الصحف مملوكة للدولة أو لتكتلات سياسية أو حزبية أو ملكية خاصة.
توابل
عن الملاحق الثقافية
15-06-2011