كثرت حوله الأساطير، وكتب عنه الرواة، وتحدث عن قوته الحكواتيون، وبالغ آخرون حول إنجازاته وعلاقاته وقدراته الخارقة أيضاً. سيرته بدأت بشكل "أكشن" عن أصله وأخواله الجن، فكان نصف إنسان ونصف "جني"... قصته استعصت على مجلد واحد واختلطت فيها الحقيقة بالخيال والصدق بغيره والموثق بالمدلس... والإنس بالجن.

Ad

حتى لو كانت القصة يشوبها الكثير من التراجيديا غير الحقيقية لكن هناك بعض الإضاءات التي تميزت بها شخصية الرجل، وقدرته الخيالية على القيادة المثالية والتخطيط السليم الذي لا يخلو من المغامرة، وهكذا يجب أن يكون التخطيط، الذي أوصله إلى أقصى ما يريد.

سيف بن ذي يزن... لاحظ أن الاسم له وقع موسيقي يأخذك مئات السنين، يجول بك في تضاريس التاريخ، وبأس الحروب، وحضارة تلك المنطقة، وتنافس الأعراق الذي قضى على بعضها فلم يجد له وجودا.

عندما وفد على ملك الفرس يستنصره ويفاوضه لم يكن معه من مفاتيح المفاوضات الكثير، فلم يجادل كثيراً، ولم يفاوض على ما ليس لديه، أدخل العاطفة بشكل كبير، وذكّر كسرى بتخليه عن أبيه وتركه يموت ببابه، وزاد على ذلك أن هذا ليس من صفات السلاطين والأكاسرة، وكشف عن شخصيته الأبية فلم يقبل المال بل رماه أمام شعب كسرى ليتهافتوا عليه، ولعل هذه أعجبت كسرى، وأخيراً حدثه عن المستقبل وأن أرض اليمن بخيراتها وخزائنها ستؤول إلى كسرى إن هو استولى عليها... مفاوض محترف.

اقتنع كسرى وقرر مساعدته، ولكن المساعدة جاءت بائسة وخطرة للغاية كان يمكن أن تودي بحياة بن يزن، فأعطاه ما يقارب ألف مجرم، أخرجهم من السجن وسلمهم إياه، فكيف سيرأس ويتحكم ويقود مجرمين. هذا الفصل لم تناقشه الأساطير بشيء من التفصيل، ولكن إذا أردنا الذهاب إلى النتيجة فقد قام هؤلاء "الأوباش" بقتل وتفتيت جيوش الأحباش وقائدهم ابن أبرهة.

بمصادر قليلة وعدة ليس فيها مقومات النجاح استطاع هذا الأسطورة أن يحكم اليمن، وأن تدين له الممالك المحيطة، فلم يذكر أن أفلت منه الحكم، أو أن الجيش انقلب عليه، ولم يظهر عليه الشعب يرددون "الشعب يريد إسقاط سيف".

وحتى نهاية هذا البطل غلفها السحر والخيال، فلما أراد أن يموت لم ترق له الأرض وأهلها، فذهب إلى أخواله الجن ليموت عندهم ويدفن بجانب قبر أمه... "هذي قوية... يابو معديكرب".