ثلاث نصائح بعضها قديم وبعضها جديد تلقاها الرئيس السوري بشار الأسد بعد توليه مسؤولية رئاسة الدولة السورية مباشرة بعد وفاة والده حافظ الأسد، ولاحقاً بعد انطلاقة شرارة هذه الثورة العارمة التي تجتاح سورية الآن، وباتت تتنقل بين مدنها وبلداتها وقراها، لكنه لم يأخذ بأيًّ منها، فحصل ما حصل، والمعروف أن العرب كانت تعتبر النصيحة الصادقة تساوي جملاً، لكن يبدو أنها الآن لم تعد تُشترى حتى بشروى نقير.

Ad

***

النصيحة الأولى جاءت بطلب من حافظ الأسد إلى الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك حيث أوصاه بالاهتمام بولده وإعطائه النصائح وتوجيهه في أولى خطواته.

حول هذه النصيحة قال شيراك مؤخراً إنه اغتنم حضور جنازة والده ,أي والد بشار الأسد, وانتحى به جانباً وأبلغه ما كان طلبه منه حافظ الأسد، وكما قال الرئيس الفرنسي السابق: «فقد كانت استجابته تلقائية مما أشعرني أنه سيسير على الطريق الصحيح، وأنه سينتقل بسورية لتصبح مواكبة لمعطيات هذا العصر الجديد».

ويضيف شيراك: «لكنه أي بشار الأسد ما لبث أن شدد هيمنته على لبنان الذي تتيح الهيمنة عليه له ولجماعته الحصول على مكاسب على جميع الصُّعُد... وبالتالي فإنه لم يبق ومنذ ذلك الحين أي أملٍ بمواصلة سياسة الانفتاح والتجديد التي أبدى استعداده للأخذ بها لدى توليه الرئاسة عندما أراد إعطاء صورة الرئيس الشاب التقدمي الذي تقف إلى جانبه زوجته الشابة ذات المظهر العصري والحديث». واستطرد قائلاً: «لقد انغلق على نفسه، واستفرد بنظام وضعه كله تحت سلطته، وهو اهتم بمصالحه الخاصة والشخصية والعائلية... إنه نجل حافظ الأسد الذي أوصاني بإعطائه النصائح وتوجيهه في أولى خطواته وهو لايزال على بداية الطريق».

***

النصيحة الثانية كانت مقتضبة، إذ قال له العاهل الأردني عبدالله الثاني عندما اتصل به بشار الأسد مستنجداً بعد انطلاق شرارة درعا في الخامس عشر من مارس الماضي: «عليك أن تتواصل مع شعبك ابق قريباً منه».

***

أما النصيحة الثالثة فقد جاءت من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي اتصل به فور انفجار الاحتجاجات في مدينة درعا وقال له: «عليك إيقاف حملة القمع الدموية هذه بسرعة، وعليك أن تستجيب لرغبات شعبك وتبدأ بتطبيق الإصلاحات المطلوبة بجدية وبدون إبطاء ووفقاً لجدول زمني محدد».

لكن الرئيس بشار الأسد الذي يبدو أنه عرض هذه النصائح على المجموعة المحيطة به, والتي بات ثابتاً وواضحاً أنها هي التي ورَّطته في كل هذا الذي يجري, فنصحته بألا يقبل أياً منها، وأن عليه ألا يتراجع ولو خطوة واحدة أمام المحتجين، لأن التراجع أمامهم خطوة سيشجعهم على المطالبة بتراجع من عشر خطوات، وهكذا فقد تعقدت الأمور وبدلاً من التركيز على مجرد الإصلاح فإن هتاف المتظاهرين أصبح :»الشعب يريد إسقاط النظام» وذلك على غرار ما جرى في تونس وفي مصر ومايزال يجري يومياً في اليمن.

لم يأخذ بشار الأسد بأيًّ من هذه النصائح، وبدلاً من هذا فإنه صدَّق حكاية المؤامرة الخارجية والعصابات المندسة التي حاكتها أجهزته الأمنية وكانت النتيجة كل هذا الذي يجري، والذي يشير إلى أن سورية ذاهبة إلى كارثة حقيقية إن لم تقع معجزة ويتم تدارك الأمور بسرعة.