مطار الكويت.. يحتاج غيرة !
من يَزُر الكويت يمكن له أن يتعرف على واقعها اليوم من اللحظات الأولى بعدما تطأ قدماه أرض مطارها، فمطار الكويت قد صار يقدم للزائرين لوحة، يمكن لي أن أقول دون مبالغة إنها لوحة كاملة عن الواقع الكويتي المتدهور المضطرب، وسأمسك أصابعي حتى لا تكتب الواقع "الفاسد" خشية أن يذهب تفكير القارئ إلى معانٍ بعيدة لم أقصدها. مطار الكويت الدولي يقدم الشهادة الأولى وبكل بلاغة لكل قادم إلى الكويت، بمدى زيف الادعاءات بأن هناك توجهاً لدى الدولة إلى التنمية، وأن هناك خططاً للتطوير والانفتاح الاقتصادي والتجاري والسياحي!واقع التردي في مطار الكويت "يكاد" يشمل كل شيء، وقد تقصدت أن أضع كلمة يكاد بين فارزتين حتى يسهل حذفها عندما نعجز، وغالباً سنعجز، عن استذكار مظهر جيد من مظاهر العمل في هذا المطار.
هناك تدهور وتردٍّ في المنشآت والأبنية والممرات والأجهزة، وكذلك في الإجراءات والخدمات عند النقاط المختلفة ابتداء من كاونترات السفر، وعند الجوازات، وكذلك عند الجمارك، وفي الاكتظاظ بل والاختناق المتزايد يوماً بعد يوم، دون قيام أي طرف من الأطراف المختلفة بالعمل على تنظيمه أو تخفيفه، وفي سلوكيات كثير من العاملين في المطار، من عسكريين ومدنيين، إلا من رحم الله، وذلك من خلال عدم اكتراثهم بالتزام القوانين، كقانون حظر التدخين في الأماكن العامة، وهو الذي لطالما رأينا العسكريين، على وجه الخصوص، يضربون به عرض الحائط فينفخون دخان سجائرهم أمام أعين المسافرين، وكذلك من خلال فظاظتهم في التعامل مع المسافرين، وبالأخص من غير الكويتيين. بل وصلت حالة التردي حتى إلى عمال حمل الأمتعة الآسيويين الذين استمرؤوا بدورهم التلاعب والعبث! إلا أنه على الرغم من قتامة هذا المشهد لواقع مطار الكويت، فليس كله راجعاً إلى ما يصعب علاجه بطريقة مباشرة، وليس كذلك راجعاً إلى ما يحتاج من قرارات كبرى يجب أن تأتي من جهات عليا، بل لعل كثيراً، بل ربما أغلب السوء الذي حاق بالمطار يمكن علاجه بقرارات شجاعة سريعة حاسمة تأتي من القيادات والمسؤولين المباشرين عن العمل في المطار لو أنهم أرادوا ذلك حقاً. أقول هذا لأننا لسنا بحاجة إلى أوامر عليا ليقوم الموظفون بمعالجة الازدحام بقدر الإمكان، ولسنا كذلك بحاجة إلى أوامر عليا ليتم إلغاء تلك النقطة الخانقة التي يحشر فيها جميع المسافرين القادمين بعد ختم الجوازات حتى يتم التأكد من أنهم ختموا جوازاتهم بالفعل، وكأن وزارة الداخلية لا تثق بموظفيها، وهي النقطة التي لم نرها في أي مطار محترم في العالم أصلاً، وهي النقطة التي يمكن التلاعب لتجاوزها بسهولة، ولسنا كذلك بحاجة إلى أوامر عليا لتكون جميع كاونترات الجوازات عاملة طوال الوقت كي لا يتم تأخير المسافرين عند كاونتر أو اثنين فقط، ولسنا بحاجة إلى أوامر عليا حتى يمتنع العسكريون والموظفون المدنيون عن التدخين بوقاحة في غير الأماكن المخصصة لذلك، ولسنا ولسنا ولسنا.كثير جداً ما يمكن فعله للعلاج وبسهولة، لكن الوزراء والمسؤولين لعلهم لا يرون شيئاً من هذا للأسف، فهم لا يمرون بذات الإجراءات التي يمر بها الناس العاديون، حيث يسافرون عبر قاعات التشريفات ومن خلال القنوات الاستثنائية، فلا يضطرون إلى تجرع مرارة هذه المهانات السافرة التي يتجرعها الناس طوال الأربع والعشرين ساعة في مطار الكويت المجيد.ولا أكتب هذا المقال اليوم جلداً للذات، فأنا أكره جلد الذات، وأمقت المتشائمين السلبيين طوال الوقت، لكنني أكتبه للإشارة إلى موطن من مواطن الخلل التي تستحق العلاج العاجل، ويمكن ذلك دون كثير من جهد، وإن كنت أعترف في ذات الوقت بأني لا أدري لمن يجب أن أوجه الرسالة، فبحسب ما وردني فالمطار منطقة من مناطق صراع الصلاحيات ما بين وزارة الداخلية والإدارة العامة للجمارك والطيران المدني ولعل معها جهات أخرى غيرها.نداء أطلقته، فهل سيسمع النداء أحد ممن بيده شيء، فيتحرك، على الأقل من باب الحب والغيرة على هذا الوطن المسكين الذي تكالبت عليه النوائب؟!الداخلية ترد على مقال مطار الكويت يحتاج غيرهبعثت وزارة الداخلية برد على مقال الكاتب ساجد العبدلي "مطار الكويت يحتاج غيرة" والمنشور في 2/10/2011م، والذي وجه فيه تساؤلات مختلفة في شأن تردي المنشآت والأبنية والممرات في مطار الكويت الذي يعد واجهة البلد، وكذلك الاختناق والاكتظاظ المتزايد يوماً بعد يوم فيه. وفيما يلي نص الكتاب:"السيد رئيس تحرير صحيفة الجريدة المحترمتحية طيبة وبعد،،،نتوجه إليكم بخالص التحية وعميق التقدير على إسهامكم المتميز ودوركم التنويري البارز في خدمة قضايا الأمن والمجتمع وعلى تواصلكم الدائم معنا من أجل تحقيق الصالح العام.وبالإشارة إلى ما نشر في صحيفتكم بالعدد رقم "1388" بتاريخ 2/10/2011 تحت عنوان "مطار الكويت يحتاج غيرة" للكاتب ساجد العبدلي، نود إفادتكم بأن قطاع شؤون أمن المنافذ يتوجه بالتحية والتقدير للكاتب على اهتمامه بالمظهر العام لمطار الكويت الدولي الذي يعد واجهة للبلاد ويوضح ما يلي:أولا: ترجع أسباب الازدحام في صالة القادمين إلى إغلاق نصف صالة الدخول من قبل الإدارة العامة للطيران المدني لإجراء أعمال الصيانة، حيث إن الجزء الذي يعمل حاليا صغير جدا ولا يتناسب مع أعداد القادمين للبلاد، وقد قمنا بإيضاح ذلك للإدارة العامة للطيران المدني وجار اتخاذ اللازم.ثانيا: بخصوص تدخين العسكريين نود إيضاح أنه لا يوجد عسكريون في كاونتر الدخول، حيث إن الموظفين العاملين بالكاونتر هم من العنصر النسائي، علاوة على أن الإدارة العامة لأمن المطار لا تتوانى في محاسبة أي موظف يخالف قانون حظر التدخين سواء كان عسكريا أم مدنيا.وتفضلوا بقبول فائق الشكر والاحترام.مدير إدارة العلاقات العامةوالتوجيه المعنوي بالإنابة