كان قرار الذهاب إلى الأمم المتحدة بطلب اعتراف، باسم العرب، بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، صائباً وصحيحاً، ويجب عدم الرجوع عنه مهما حصل، فهناك حتى الآن مئة وسبع عشرة دولة أبدت استعداداً للاستجابة لمثل هذا الطلب، وهناك إمكانية لضمان تأييد دول أخرى، بينما تبقى على الرصيف الآخر الولايات المتحدة ومعها حبيبتها وقرة عينها إسرائيل وبعض الدول الهامشية الساقطة التي لا هي في العير ولا في النفير.

Ad

لا يجوز أن يبقى العرب رهن إشارة إصبع من واشنطن، خاصة أن الأمر يتعلق بإسرائيل التي هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقوم على الطغيان والاغتصاب، والدولة الوحيدة في العالم التي تستعمر استعماراً استيطانياً وطن شعب آخر، والدولة الوحيدة في العالم التي تضعها الولايات المتحدة فوق القوانين الدولية، والدولة الوحيدة في العالم التي يضحي الأميركيون بمصالحهم من أجل مصالحها، والتي فوق ذلك يرهقون دافع الضرائب الأميركي لمساعدتها، بما يحافظ على عربدتها في منطقة تمر بمرحلة ملتهبة وخطيرة وحساسة.

إن باراك أوباما هو الذي خيب آمال شعبه وخيب آمال الذين راهنوا عليه بعد كل ما قاله في معركة الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها، وكل ما قاله في ظهوره الشهير في جامعة القاهرة، هو الذي كان تمنى في ما يشبه الوعد الملزم في خطابه الشهير من فوق منصة الأمم المتحدة العام الماضي بأن تحضر فلسطين، في الاجتماع المقبل، أي في اجتماع أيلول (سبتمبر) المقبل كدولة مستقلة قابلة للحياة والاستمرار وذات سيادة.

لكن كل ما قاله في وعده هذا ذهب أدراج الرياح، بل واتخذ موقع الخصم اللدود بأن أخذ يطلق التهديدات ويهز الهراوة الأميركية أمام أنوف العرب وأمام أنف محمود عباس (أبومازن) إن هم ذهبوا بطلب للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة إلى الأمم المتحدة، وهذا لا يمكن الرد عليه إلا بالقول إلى باراك أوباما: «إننا ماضون في هذه المسألة حتى النهاية، واذهب أنت وإدارتك إلى الجحيم... وافعل ما تستطيع فعله».

يجب ألا يتراجع العرب عن قرارهم هذا فالولايات المتحدة، وخاصة في عهد هذه الإدارة البائسة والمرتبكة، منحازة إلى بنيامين نتنياهو وإلى اليمين الإسرائيلي المتطرف حتى آخر حدود الانحياز، ومنحازة ضد حقوق الشعب الفلسطيني حتى آخر حقوق الانحياز... وهكذا فهل هناك يا ترى ما يمكن أن يعاقب به باراك أوباما العرب والفلسطينيين أكثر من هذه العقوبة، وهل تَبَقَّى لدى واشنطن مواقف أسوأ من هذه المواقف...؟!

أمس الأول سمعنا وزيرة خارجية باراك أوباما تتحدث من تركيا عن أحداث سورية بكلام لا يمكن أن يصدر إلا عمن يهرف بما لا يعرف، فالقول بعد أكثر من أربعة أشهر، سالت خلالها دماءٌ غزيرة، «إنه لابد من التعاون بين الحكومة السورية والمحتجين» مثير للضحك بمرارة حتى الاستلقاء على الظهر، ومثير للسخرية، وهو يدل على أن هذه الإدارة فاشلة بقدر ما حققته الولايات المتحدة من نجاحات متراكمة منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن.