مجلس فاقد شرعيته

نشر في 17-11-2011
آخر تحديث 17-11-2011 | 00:01
No Image Caption
 أحمد عيسى بإسقاط مجلس الأمة أمس الأول استجواب رئيس مجلس الوزراء المقدم من النائبين أحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري والتوجه لوأد أي محاولات مستقبلية لمساءلة رئيس الحكومة وتحصينه استنادا إلى قرار تفسير المحكمة الدستورية يكون البرلمان فقد قيمته الرقابية.

المفارقة أننا أمام حالة غريبة، فالأغلبية النيابية المؤيدة للحكومة آخذة في الانحسار، ومع ذلك لا تستطيع قوى المعارضة الجديدة الاستفادة من ذلك، فرقم النواب الموالين للحكومة آخذ في التناقص، فبعد حصول رئيس الوزراء على تأييد 35 نائبا باستجواب الشيكات (ديسمبر 2009)، انخفض الرقم إلى 25 نائبا خلال استجواب ديوان الحربش (ديسمبر 2010)،

وانخفض الرقم مجددا أمس الأول إلى 23 بعد إعلان نتيجة مؤيدي إسقاط استجواب رئيس الوزراء المقدم من النائين السعدون والعنجري، فقد حصل مؤيدو إسقاط الاستجواب على 38 صوتا، هي بواقعها أصوات 15 وزيرا و23 نائبا، مقابل 26 نائبا رفضوا المشاركة في التصويت، وبالتالي فإن أي استجواب مستقبلي سيعرِّض المستجوَب للخطر وسط هذا الوضع السياسي المتوتر.

إن فقدان البرلمان لشرعيته لم يأت بسبب السيطرة الحكومية لكنه جاء نتيجة التهور السياسي لقوى المعارضة الجديدة، فهي التي هيأت الأجواء وأوصلتنا إلى هذه الحالة، وحولت العمل البرلماني إلى لعبة تمارسها خلال وقت فراغها كما تريد، فتقاطع جلسات البرلمان وأعمال اللجان لكنها تشارك في التصويت على كادر المعلمين، وتدّعي الدفاع عن المال العام ولا تجد غضاضة بإضافة 80 مليون دينار قيمة كادر المعلمين على الباب الأول من ميزانية الدولة.

قوى المعارضة الجديدة أصبحت تمارس عملها من الشارع، وتريد بمزاجها إدارة البرلمان والحكومة من الرصيف المقابل لمجلس الأمة، فنراها توجه النواب والوزراء بما يجب أن يقوموا به، وهي تتفرج عليهم من الرصيف، بينما لو أحسنت استغلال الفرص وأجادت تهيئة الأجواء فإن بإمكانها تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، إلا أنها مع ذلك تفضل التعاطي المتهور على التعامل المتزن، لأن الموضوع بالنهاية أسير رغبة الناخب والشارع.

إن جميع المشاركين في تصويت الأول من أمس بالموافقة على كادر المعلمين فاقدون للشرعية السياسية متى ما حاولوا تسويق أنفسهم على أنهم حماة للمال العام، وعلى رأسهم من دعا إلى مقاطعة الجلسات واللجان رفضا للوضع القائم وشارك في الجلسة الخاصة لمناقشة كادر المعلمين، لأنه تعامل مع الموضوع وفقا لمنطلقات انتخابية بحتة.

بحسب أرقام آخر ميزانية للدولة والمقرة في يونيو الماضي فإن رواتب موظفي الوزارات تشكل منها حوالي 4 مليارات دينار، منها مليار دينار مخصصة لوزارة التربية قبل إقرار الكادر، ومتى ما قارنا ذلك بمستوى التعليم وجودته فسنجد أن ميزانية وزارة التربية تذهب هباء منثورا قبل الكادر وبعده، إضافة إلى توسع الموضوع وأنباء عن رغبة بضم المعلمين المتقاعدين أو تطبيق الكادر بأثر رجعي، وجميعها غير مستغربة بعد قرار مجلس الوزراء الأخير مساواة العسكريين المتقاعدين قبل 2006 بزملائهم المتقاعدين بعدهم.

إنها دولة جزلة العطاء، تديرها حكومة تدعو إلى التقشف وتقر الكوادر في نفس الوقت، والنواب يدافعون عن المال العام ويشترون ذمم ناخبيهم بنفس المال العام، دون أن يسأل أي شخص: ماذا سيحصل لنا إن انخفض سعر النفط عن مستوى 80 دولاراً للبرميل؟

على الهامش:

قرار وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود إحالة مساعد مدير عام الإدارة العامة للقوات الخاصة العقيد شكري النجار إلى مجلس تأديبي يستحق الإشادة، فالوزير لم يخضع للضغوط النيابية بإقالة العقيد دون محاكمة حماية لنفسه من الاستجواب، كما لم يتغاض عن الموضوع إرضاء لمرؤوسيه، وهذا التعامل المتوازن سيتيح للمدعى عليه فرصة الدفاع عن نفسه، ويمكن الوزارة من إدانته أو تبرئته وفقا للقانون.

back to top