الإخوان المسلمون في مصر وتونس بالدرجة الأولى في ورطة بعد أن تسلموا السلطة هناك... فالدولتان في وضع مالي حرج جداً، بل إن البعض يتوقع أن تشهد مصر عوارض الإفلاس خلال شهور قليلة بسبب عدم الاستقرار وضرب القطاع السياحي الناتج عن تلك الأوضاع، وكذلك الطرح المتشدد للقوى الدينية التي تتصدر المشهد السياسي هناك، فالإخوان المسلمون انتقلوا الآن من مراحل التنظيم السري والجماعة المتمردة والقوى السياسية المعارضة إلى سدة الحكم، ولم تعد شعارات "الإسلام هو الحل" العاطفية تجدي نفعاً لإدارة دول، إذ يحتاج الأمر إلى برامج عمل ورؤى تنموية واقتصادية شاملة لم يتلمسها أي متابع لحملات الإخوان في مصر وتونس. المفارقة أن الإخوان المسلمين يستنجدون بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي لإسعافهم بالمدد المالي، وقبل عدة أيام كان رئيس وزراء تونس حمادي الجبالي من حزب النهضة (الإخوان المسلمين) يطالب من جدة باستثمارات ومساعدات اقتصادية عاجلة، بينما بعض زملائه في تونس من الإخوان ينتقدون الحكم السعودي ويطالبون بإجراء إصلاحات فيه!... وطبعاً هذه الإصلاحات يجب أن تتولاها خلايا وتنظيمات الإخوان المسلمين المنتشرة في جميع دول الخليج، التي يقوي عزم نشاطها التنظيم الأم في مصر بعد نشوة انتصاره في الانتخابات المصرية الأخيرة، وتطلعه بتمدد هذا النفوذ إلى بقية الدول العربية، وهو بلا شك أمر مرصود من الرياض وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، ولا يمكنني أن أتصور أن تقدم تلك الدول الدعم لنموذج الإخوان المسلمين بشكل استثنائي لإنجاحه لينقض عليها أتباعه لاحقاً، ولذلك فإنني أتوقع ألا تتجاوز العلاقات الخليجية التعاون العادي مع الشعبين المصري والتونسي بسبب التوجس من تحركات أتباعهم ونواياهم في المنطقة، لاسيما أن هناك أيضا حالة من اللبس والغموض تجاه علاقات التنظيم الدولي للإخوان والمحلي المصري والفلسطيني مع إيران، وما تحمله من تحديات ومخاطر إقليمية لدول الخليج العربي. لاشك أن حديث الإخوان المسلمين في تونس وتطلع زملائهم في مصر إلى شراكات استثمارية ضخمة مع دول الخليج بشكل عام والمملكة السعودية بشكل خاص ومساعدات مالية استثنائية كبيرة هو حديث الخُبْل الإخواني، لأن قادة الخليج على قدر كبير من قراءة الساحة السياسية ومستجداتها ومستقبلها، ونوايا الإخوان المسلمين حيال دولهم، وليسوا بسذاجة وعفوية قادة التيار المدني الوطني الكويتي عندنا الذين تستدرجهم حدس (الإخوان المسلمون-الكويت) لما يريدونه، ثم يرجعون بهم من البحر وهم عطاش، بعد أن يجعلوهم يحلون البرلمان الذي يعتبر تمثيلهم فيه الأكثر تميزاً في العقدين الأخيرين، المهم أن الإخوان المسلمين في مصر وتونس مطالبون بأن ينجحوا نموذجهم للحكم بجهودهم الذاتية، ويترجموا هذا الشعار العظيم "الإسلام هو الحل" إلى برامج عمل تجلب الرخاء والعدل للشعبين المصري والتونسي دون فيتامينات ومقويات استثنائية من الخارج، ليكون قدوة لمن يريد أن ينقله إلى دول أخرى! *** النائبان د.جمعان الحربش وفلاح الصواغ استماتا في لقاء تلفزيوني مساء الاثنين الماضي في التأكيد على ضرورة توفير أجواء الاستقرار السياسي وتأجيل المساءلة السياسية إلى فترة مناسبة لتحقيق الإنجازات، ونقد زميلهما د.عبيد المطيري لإعلانه نيته تقديم استجواب دون التنسيق معهم... الله أكبر ماذا حدث؟ قبل أسابيع قليلة رفضتما منح المجلس السابق ساعتين فقط لإقرار قوانين كشف الذمة المالية ومكافحة الفساد وتحقيق إنجاز إصلاحي ضخم للبلد... شنو صار؟ غير أن حدس أصبح لديها ولمناصريها مقاعد يجب الحفاظ عليها عبر بقاء المجلس الحالي والحفاظ على الحكومة الجديدة.
Ad