المرأة "مو ساءلة" والرجل "يبرم شواربه أو يحلب لحيته من الفرح"، ذلك هو الوضع السياسي والاجتماعي بعد 2 و14 فبراير الماضيين، فالأول هو يوم ظهور نتائج الانتخابات والثاني هو يوم الولادة المتعسرة للحكومة الجديدة، وإذا كان قرار تغييب المرأة عن المشاركة في مجلس الأمة مقبولاً كونه يمثل إرادة الناخبين، فإنه من غير المفهوم تخلي السلطة عن المرأة من خلال عدم إسناد أي حقيبة وزارية لها، وهي الشريك الأساسي للرجل في التنمية.
كرة ثقيلة ألقت بها الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية قبل الأعياد الوطنية في بركة الصمت النسائي والفرح الرجالي عندما نظمت ندوة تتحدث عن أسباب غياب المرأة أو تغييبها كما أراه شخصياً عن البرلمان والحكومة، يومها تحدثت موجهاً كلامي إلى السلطة بأنها شعرت بالخوف من "فرع الغاز" المسمى مجلس الأمة، وفضلت أن تغامر بوجود وزيرين ينتميان إلى حقبة حكومات الفساد على أن تغامر بإشراك ولو امرأة واحدة خشية استثارة حراس الفضيلة وعسس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.لقد رفضت بشكل واضح رواية أن السلطة حاولت توزير نساء عدة لكنهن فضلن عدم المشاركة في الحكومة؛ لأنني على يقين من تحليلي الأول، وهو خوف السلطة من "العسس"، ولو كانت هناك جدية رغم صعوبات تشكيل الحكومة الأخيرة، فقد كان بالإمكان تشكيل الحكومة "ناقصة" حقيبة واحدة تستكمل لاحقاً بوزيرة من ذوي الكفاءات ودون وضع أي اعتبار لمعركة رئاسة المجلس كونها محسومة العدد سلفاً.لقد حصرت حقوق المرأة دوماً في إطار حقوقها في المشاركة السياسية، وعندما تحقق أمر تمكينها من التصويت والترشح ووصول أربع نساء إلى المجلس السابق، اعتقد الكثيرون أن قضية المرأة ومساواتها مع الرجل قد انتهت، وجزء كبير من هذا الفهم الخاطئ تتحمله النائبات السابقات- ما عدا أسيل طبعاً- كونهن تخصصن وتفرغن للدفاع عن الحكومة ورئيسها أكثر من استغلال وجودهن في المجلس في دعم وإبراز قضايا المرأة القانونية والاجتماعية، وما زلت أتذكر يوم "كشتت" النائبات الأربع بندوة تدعم دخول المرأة إلى سلك القضاء وتولي منصب وكيلة نيابة رغم توجيه الدعوات إليهن للحضور والمساندة.لقد صمتت المرأة عن أهمية وجودها في البرلمان والحكومة، ربما لأنها لم تجد الفرصة كي تعرف أنها شريك كامل ومؤثر في المجتمع والحكم والتنمية، وكثير منهن اكتشفن أن حقوقهن مهضومة بمقابل الرجل في المحاكم والعمل التجاري والوظيفي، وقد يأتي اليوم الذي ستجد فيه المرأة ملاحقة "بخيزرانة" يمسكها مراهق يقول لها: "تحشمي يا مره" قبل أن تدرك أن صمتها اليوم يعني ضياع الكثير من حقوقها في المستقبل.اليوم الخميس يصادف اليوم العالمي للمرأة وبعض الناشطات قررن التواجد في ساحة الإرادة للمطالبة بحقوق دستورية متكافئة، من هنا أدعو كل من تشعر بالغبن أو تطالب بالمساواة والقوى السياسية والطلابية والاجتماعية كافة التي تزعم أنها تنتمي إلى التيار المدني، كما أدعو بشكل خاص كل قوائم الوسط الديمقراطي في الجامعات والتطبيقي إلى ممارسة دورهم التاريخي في دعم نضال المرأة وحقوقها كافة انطلاقاً من الدستور والمادة الثامنة فيه.الفقرة الأخيرة: للمرأة حق ونضال ومساواة.
مقالات
الأغلبية الصامتة: تحشمي يا مره
08-03-2012