لستم سوى أداة... والأيام بيننا
![حسن مصطفى الموسوي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/231_1688321617.jpg)
لذلك من الواضح أن هؤلاء لا يريدون الإصلاح لأن فاقد الشيء لا يعطيه، بل لديهم أجندة أخرى من وراء هذا التصعيد المستمر بدأت تظهر يوما بعد يوم لأن المرء مخبوء تحت لسانه.وفي خضم هذا المشهد هناك كثير ممن شاركوا في هذه المظاهرات مع إدراكهم بأن هؤلاء النواب المتصدين لها لا يريدون الإصلاح وليسوا أهلا له أصلا، بل يريدون تحقيق أجندتهم الخاصة، ومع ذلك يبررون مشاركتهم بأنهم لا يمثلون سوى أنفسهم وبأنهم مع العنوان لا مع الأشخاص، وهذا لعمري منطق سطحي لأنه فات على هؤلاء أنهم يعطون زخما لهؤلاء النواب ولأجندتهم الخاصة شاؤوا ذلك أم أبووا، لأن هؤلاء النواب هم المتصدون لهذا التحرك وسيجيرون أي نجاح لمصلحة أجندتهم الخاصة لا إلى الإصلاح الذي يرفعون علمه، تماما مثلما خدمت بعض الشعوب العربية أجندة صدام كما طرحنا بالمثال. ولذلك كان حريا بكل من قلبه على البلد وينشد الإصلاح بصدق أن يخرج بمظاهرة منفصلة نقية لا يتصدى لها بعض الفاسدين ومخالفي القانون، فكيف تريدون محاربة الفساد بالاشتراك مع فاسدين آخرين في آن واحد؟!البعض يظن أن حل الحكومة والمجلس والإتيان برئيس وزراء جديد سيحل مشاكل البلد، ويبدأ في الإصلاح ومحاربة الفساد، لكن أقول لكم من الآن إن ذلك لن يتحقق، فقد علمتنا التجارب أن "ليس كل ما يتمناه المرء يدركه"، فقد سبق أن خرجنا في مظاهرات "نبيها خمسة" وظننا أن تعديل الدوائر سيقضي على الطائفية والقبلية وسيؤدي إلى تصويت الناس للقوائم السياسية وليس للأفراد، لكن ما حدث هو العكس تماما، حيث ازدادت الفرعيات قوة، ومال الناس أكثر للتصويت للأفراد لا إلى التيارات، وازداد تفكك المجتمع، وحتى بعض نواب الخدمات صاروا معارضة ومن نواب الصراخ لأنهم لم يعودوا قادرين على النجاح بالمعاملات فقط.وبالمثل فإن تشكيل حكومة بنهج جديد يطبق القانون ولا يميز بين المواطنين حسب العرق والطائفة لن يلقى قبول أغلبية من يتظاهر اليوم بساحة الإرادة لأنهم تعودوا على قبض المال من دون عمل والمعاملات والتعيينات بالواسطة وتجاوزا على الآخرين.من الصعب إقناع الكثيرين بوجهة النظر هذه خصوصا مع كل التمثيل والدجل والشعارات البراقة التي ترفع اليوم زورا وكذبا، لكن سيأتي يوم (والأيام بيننا) يكتشف فيه الكثيرون أنهم لم يكونوا سوى أداة استعملها الآخرون لتدمير البلد لا إصلاحه.