قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين" (التوبة- الآية 119).

Ad

بعد أيام يستأنف مجلس الأمة أعماله ويفترض أن تحضر الحكومة بكامل استعداداتها وجاهزيتها، ونتمنى أن تكون كذلك أو على الأقل هكذا يستشف من التصريحات الرسمية، وهنا لا أقصد قدرتها على مواجهة الاستجوابات، حيث يبدو من القراءة الأولى، أنها قادرة على ذلك فهي مازالت تملك الأغلبية.

وبمناسبة الحديث عن الأغلبية التي يتعين على الحكومة كسبها هي "الأغلبية الشعبية"، وهي مرتبطة بحالة الثقة... فالمواطن فقد جزءاً كبيراً من ثقته بقدرة الحكومة على تأدية واجبها تجاه المواطن، والتي فقدتها بتخبطها في تنفيذ برامج التنمية والدفاع عنها.

والمواطن فقد الثقة أيضاً بمجلس الأمة الذي ابتعد عن تحقيق تطلعات الشعب وطموحه, وتتعدد أسباب عدم الثقة ولعل أهمها الفضائح المليونية ومؤشر الفساد، ناهيك عن إخفاق الحكومة خلال السنوات الماضية في معالجة أبسط المشاكل الإدارية والفنية، فضلاً عن تأخرها في مواكبة ملف الكوادر، فحتى لو استطاعت الحصول على ثقة البعض في مجلس الأمة متمثلا ببعض الكتل السياسية والمستقلين، فإنها في المقابل ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في فقدان الثقة الشعبية.

المواطن الإنسان اليوم بحاجة إلى أن يشعر بالأمان والأمن الاجتماعي وهو شعور غائب للأسف، فأبناؤنا الذين يدرسون بالخارج وعلى المستويات كافة يصارعون من أجل تحقيق طموحاتهم، وحين يعودون يصطدمون بواقع مرير تتحكم به المحسوبية والفئوية والبيروقراطية.

والمواطن المريض الذي يستلزم علاجه في الخارج يموت أحياناً قبل أن تنتهي إجراءاته بينما يجد هذا المواطن الإنسان أن بعض المسؤولين، ومن بينهم مسؤولون في وزارة الصحة، يُنقل بمجرد شعوره بتوعك على متن طائرة رسمية على نفقة الدولة، وثمة العديد من المصالح والتحركات غير المشروعة التي تلعبها الحكومة مع بعض الأعضاء في مجلس الأمة والعكس صحيح أيضاً، وأمام هذا المشهد... كيف يمكن للثقة أن تتحقق؟

نأمل من سمو رئيس الحكومة أن يتبنى سياسة بناء الثقة في نفوس المواطنين، وهذا البناء يتطلب الكثير من العمل والشفافية والجدية في الإنجاز، ولا تكفي التصريحات بشأن حرص الحكومة على التعاون وتحقيق طموحات الشعب، فالفساد ما زال ينخر في أجهزة الدولة من السلطتين، و"الواسطة" ما زالت متفشية رغما عن كل ما يتردد من إجراءات لمكافحتها.

من خلال الثقة نستطيع أن نعمل ونبني مستقبل الكويت، ومن دونها لا يمكن أن يطمئن المواطن، ونتمنى على مجلس الوزراء أن ينتهج نهجاً إعلامياً جديداً يتبنى مبدأ الشفافية التامة بأن تنطلق التوضيحات والتصريحات على لسان المسؤولين أنفسهم وليس من خلال ما يسمى بـ"مسؤول رفيع المستوى" أو "مصدر مسؤول"... فكفانا التصريح على استحياء، وأعتقد أن هذا الأمر من أبجديات العمل الإعلامي الذي يفترض متابعته، خصوصاً بعدما تسلم بلير وفريقه أتعابه السخية!

ودمتم سالمين.