شهد العقد الأخير من القرن العشرين العديد من الأحداث، وضعتنا أمام خارطة سياسية واقتصادية جديدة، وانتهت الحرب الباردة وانهارت الكتلة الشيوعية، وتخلت عن هيمنتها الاقتصادية والسياسية على دول أوروبا الشرقية، أو كما يطلق عليها البعض "دول الستلايت السوفياتي".

Ad

وبالمناسبة أخي القارئ لم تخلُ الهيمنة السوفياتية من المقاومة والانتفاضة من قبل الأوروبيين للتخلص من السيطرة الشيوعية، وأبرزها أحداث تشيكوسلوفاكيا التي أخمدها السوفيات بعنف، والتي سميت "ربيع براغ" عام 1968.

واليوم، وبعد دخول العالم في مرحلة تغيير الأقطاب، انطلقت دول شرق أوروبا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي إلى "ربيع اقتصادي" عبر برامج تحرير اقتصاداتها من سيطرة الدولة، وفتحت الباب على مصراعيه أمام القطاع الخاص للصعود إلى التنافسية الدولية.

وفي الفترة ذاتها شهدنا انضمام ألمانيا الشرقية إلى الغربية، وتحرير جنوب إفريقيا بعد استفتاء أعاد حكم الأغلبية السمراء, بالإضافة إلى انفصال التشيك عن سلوفاكيا، الأمر الذي ألقى المزيد من الأعباء على الأمم المتحدة، ووضعها أمام "أزمة" تتطلب تحديث برامجها الخاصة بالتنمية.

أما العبء الأكبر فهو ذلك الذي ألقي على أكتاف الاتحاد الأوروبي, فاتجه إلى مواكبة التجديد والتطوير من جهة، واحتواء الدول الجديدة من جهة أخرى, حتى وضع معايير وشروطا أمام الدول الراغبة في الانضمام إليه، كالوضع الاقتصادي بالإضافة إلى الالتزام بتطبيق قواعد حقوق الإنسان.

ويعتبر هذا بمنزلة درس لدول التعاون الخليجي عليها أن تستفيد منه، وتضع أمامها معايير وشروطا لاحتواء المزيد من الدول بعد قياس دقيق لمعايير حقوق الإنسان، وتمكين المرأة من حقوقها بالإضافة إلى المنفعة الاقتصادية "المتبادلة"، فالمواطن الخليجي يشعر بامتعاض بسبب غياب معدلات النمو الاقتصادي عن دول الخليج، وتباطؤ عملية التحديث رغم امتلاك الدول الوفرة المادية.

ومن الخليج ننتقل إلى الإطار العربي، فقبل ستة وستين عاما, وعندما وقع مندوبو الدول العربية السبع المؤسسة للجامعة العربية ميثاق الجامعة، بقصر الزعفران في القاهرة إعلانا لبدء العمل العربي المشترك لم يخطر ببال أحد أن المنطقة العربية المتميزة باعتباراتها التاريخية والسياسية والاقتصادية, ستعاني الانقسامات  حول القضايا العربية والدولية معا.

إذ بدأت بالانقسام حول نهج التعامل مع مواجهة آثار العدوان الصدامي على الكويت، وما تبع الأزمة من تداعيات وتغيرات في الأدوار, ومرورا بالانقسام حول موضوع حرب العراق عام 2003, وانتهاء بوقوف الجامعة العربية مكتوفة الأيدي أمام "ربيع العرب".

وإن انقياد الإعلام العربي "بحذر" وعبر "محطاته التلفزيونية الخاصة" وللمرة الأولى وراء الانتفاضة الشعبية العربية التي بدأت في دول الشمال الإفريقي، وامتدت إلى شمال شبه الجزيرة العربية, يطرح تساؤلا: ما الذي حدث؟ وكيف نستند إلى نظريات العلاقات الدولية في فهم ما يجري؟

سؤالان أختتم بهما حديثي اليوم، وأتأمل أن أصل بمشاركتكم إلى الإجابة في الزمن القريب.

كلمة أخيرة: كل الشكر والتقدير لمسؤولي المواقع الإلكترونية الذين يبادرون "باستضافة" مقالاتي من موقع جريدة "الجريدة" الإلكتروني. ولكن أرجو الالتزام بذكر المصدر، ومبارك على الجميع الشهر الفضيل.