على الرغم من كل أوجه القصور والعقبات والشوائب التي تحد من استقلالية قرار الأمة، فإن قرارها غداً سيكون غاية في الأهمية، خصوصاً أن المطروح على الطاولة السياسية الآن هو الإصلاح السياسي والتجديد الديمقراطي اللذان يواجهان بالرفض من قبل مؤسسة الفساد وأعداء العمل تحت سقف الدستور.

Ad

بعد مخاض سياسي عسير وحراك شعبي فاعل عاد القرار للأمة مصدر السلطات جميعاً، حسب المادة السادسة من الدستور، لتقول كلمتها... فماذا ستقرر الأمة غدا يا ترى؟

صحيح أن قرار الأمة غير مكتمل الأركان، حيث إن مؤسسة الفساد ومن لديه مشكلة بنيوية في العمل تحت سقف الدستور، لم يتركا صغيرة أو كبيرة منذ بداية العهد الدستوري إلا قاما بها لعرقلة تطورنا الديمقراطي، والتأثير في قرار الأمة، كي لا يكون هناك قرار حر مستقل، فتجاوزا الدستور عندما كان ذلك ممكناً، ثم استخدما المال السياسي وكل أشكال تدخلات أصحاب النفوذ السياسي والاجتماعي.

وشجعت مؤسسة الفساد وأعداء العمل في ظل الدستور على الاستقطابات العنصرية والطائفية والقبلية لتزوير الإرادة الشعبية، وهو ما يحدث الآن بشكل فج مع كل أسف، وذلك بعد أن أصبح تجاوز الدستور بالشكل الصارخ صعباً جداً في ضوء الرفض الشعبي من ناحية والمتغيرات الإقليمية التي رافقت ربيع الحرية والديمقراطية العربي التي ليست في مصلحة التوجه اللاديمقراطي، من ناحية أخرى.

أضف إلى ذلك تخلف النظام الانتخابي وعدم عدالته وغياب التنظيم الفعال للحياة السياسية، وعدم الالتزام بالتطبيق الكامل للدستور مع ما فيه من قصور بدأ يتضح مع مرور الزمن وتطور الحياة.

لكن على الرغم من كل أوجه القصور والعقبات والشوائب التي تحد من استقلالية قرار الأمة، فإن قرارها غداً سيكون غاية في الأهمية، خصوصاً أن المطروح على الطاولة السياسية الآن هو الإصلاح السياسي والتجديد الديمقراطي اللذان يواجهان بالرفض من قبل مؤسسة الفساد وأعداء العمل تحت سقف الدستور، ففي أي اتجاه سيكون قرار كل منّا في يوم الاقتراع؟

ومن هذا المنطلق، فإنه مخطئٌ من يظن أن قراره في التصويت لا أهمية له، وواهمٌ من يعتبر أن عدم الذهاب في يوم الاقتراع لن يصب في مصلحة رعاة الفساد، فالمعركة لم تحسم بعد بين من يريد الإصلاح السياسي والتغيير الديمقراطي، وبين من يريد العودة إلى الوراء واستمرار حالات الفساد ونهب الثروة الوطنية التي كانت آخر أمثلتها الصارخة هي "الإيداعات" و"التحويلات المليونية".

إن ضعف المشاركة الشعبية يعتبر مؤشراً سلبياً للتطور الديمقراطي لأي مجتمع، وهو ما تستغله القوى غير الديمقراطية لمصلحتها، لذلك فإن بعض الدول الديمقراطية تجعل التصويت في الانتخابات واجباً وطنياً... وهو كذلك فعلاً.

أخيراً وليس آخراً، تذكر أنك وبمجرد أن تعطي صوتك لمرشح ما، فإنك تمنحه توكيلاً عاماً لمدة أربعة أعوام يتصرف بموجبه في كل ما يتعلق بشؤون وطنك ومجتمعك ومصير أسرتك وأجيالنا القادمة، لهذا فإن قرارك الحر والمباشر غداً سيجعلك تقف إما في صف قوى الفساد والتطور اللاديمقراطي، وإما في صف قوى التغيير والتجديد الديمقراطي، فمع أي طرف، يا ترى، ستقف لمدة أربعة أعوام قادمة سيترتب عليها تغييرات كثيرة ومهمة ترتبط مباشرة بإدارة شؤون الدولة والمجتمع؟