انتخابات غير شكل
الانقلاب على الدستور ومحاولة استئصال ديمقراطيتنا الناقصة كان عنوان مشوار حياتنا السياسية منذ ١٩٦٥ حتى اللحظة.الانتخابات القادمة مختلفة عن غيرها. هذا صحيح، ولكن الدراسة المتأنية للانتخابات النيابية من ١٩٦٣ حتى ٢٠٠٩ تفيد بأن لكل انتخابات شخصيتها المختلفة.
كذلك بدون تخطيط وللمرة الثانية تلعب المحكمة الدستورية دوراً في التأثير على المسار السياسي وربما الانتخابات، ففي ٢٠٠٦ أصدرت «الدستورية» حكماً تاريخياً بإلغاء قانون التجمعات في وقت الحراك الشبابي حينذاك، والآن فقد أصدرت «الدستورية» حكمها بدستورية قانون تجريم الانتخابات الفرعية. وإن كنت شخصياً غير مقتنع بالتكييف القانوني الذي ذهبت إليه المحكمة، إلا أن الالتزام بالقانون وبالذات من نواب المعارضة، وكذلك الحراك الشبابي أصبح ضرورياً.الانتخابات القادمة كما هي الانتخابات التي سبقتها مختلفة، ولكن علينا ألا نعول على نتائج الانتخابات كثيراً. هي مهمة نعم ولكنها قد لا تؤدي إلى مخرج من الحالة المتردية التي فيها المجتمع. لقد ثبت لنا أن مجلس الأمة بحكومته ونوابه غير قادر على التعامل مع المخاطر الجدية التي يتعرض لها المجتمع. فإن كانت الحكومة بكل ما لديها من موارد وأموال لا تستطيع نشر قانون أو إصدار قرار بدون أخطاء في النصوص، فماذا نتوقع من النواب وهم ليسوا إلا أفراداً؟ حالتنا تحت الصفر بقليل.هل بالإمكان تحديد النواب لأولوياتهم خلال شهرين؟ هذا من رابع المستحيلات.البداية تكون باعتراف الجميع بأنهم عاجزون معارضة وحكومة ومن ثم البدء بالتشخيص الجاد والخروج بخطة عمل مرحلية تتصدرها مكافحة الفساد. ومن أجل تحويل العملية السياسية إلى مؤسسية فمن الأولويات إنشاء ثلاث هيئات مستقلة، هيئة مكافحة الفساد والهيئة المستقلة للانتخابات والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان. ولدي قوانين جاهزة لتأسيس كل هيئة.حتى لو نجح كل صوت معارض وسقط كل النواب الموالين في الانتخابات القادمة فإن ذلك لن يخرجنا من أزمتنا فلا توجد رؤية في الصف المعارض أصلاً وإن وجدت فلا توافق حولها.هذه الورطة وهذا المأزق موجود في حالة أن الانتخابات قد تمت دون تدخلات الحكومة، وهو ما يحدث عادة، أما إن استمرت الحكومة بذات الطريقة في التدخل فإننا علينا أن نقولها بأننا لا طبنا ولا غدا الشر. وستأتينا أزمات أكثر حدة من أزمتنا التي نمر بها في الوقت الراهن.