الفكرة العامة للاتحاد قد يتقبلها البعض ويرفضها الآخر، وهذا حق مشروع لكل مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا يعود إلى بعض الفوارق الموجودة على أرض الواقع مثل نوع الممارسة الديمقراطية، ومساحة الحرية، والمستوى الاقتصادي والثقافي بين الأفراد، لذا التشكيك ومد أصابع الاتهام لأي طرف لن يصب في مصلحة الاتحاد الخليجي.

Ad

بعض الإعلاميين والساسة يستغفلون المشاهدين والمتابعين بالحديث عن الكونفدرالية دون معرفة المفهوم الأساسي والأهداف التي تنطلق منها، هذا ما لمسته من حوار إعلامي أجراه تلفزيون البحرين في مساء يوم الأربعاء 22 فبراير، فالنقاش لم يخدم هذه القضية بحيث لم يفرق المتحدثون بين الفدرالية والكونفدرالية، وهو أمر ينمّ عن عدم الإلمام بموضوع يهم مواطني دول التعاون الخليجي.

رغم أهمية الموضوع فإن الإخوة المشاركين لم يتطرقوا لماهيته ولا الخطوط العريضة التي تبنى عليها الكونفدرالية، بل انصب حديثهم في اتجاه التشكيك في ولاء معارضي الكونفدرالية وانتمائهم لدولة أخرى، وهي إيران، وإن لم يذكروها صراحةً، كما أن توقيت البرنامج جاء بعد تصريح رئيس مجلس الأمة الكويتي أحمد السعدون.

على العموم قضية الكونفدرالية يا ضيوف البرنامج لا تحتاج إلى ذكاء، فكل ما عليكم فعله هو الاطلاع على بنود وأهداف الاتحاد الأوروبي إن كنتم سمعتم عنه، فهو وجد على أساس المصالح العسكرية والاقتصادية والسياسية مع احتفاظ كل دولة بسيادتها كاملة كممارسة السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي الفعلي، كما أن لكل دولة حق إعلان الحرب منفردة وكل دولة تخرق القانون الدولي تتحمل نتائجها وحدها وليس بقية الأعضاء.

ومن أساسيات عمل الكونفدرالية هو اتحاد بين دولتين أو أكثر من الدول ذات الاستقلال التام بعد عقد معاهدة تحدد الأغراض المشتركة التي تهدف الدول الكونفدرالية إلى تحقيقها، بحيث يتمتع كل عضو فيها بشخصية مستقلة عن الأخرى تديرها هيئات مشتركة تنظم العمل بين الدول الأعضاء، ويحق لكل دولة عضو في الاتحاد الكونفدرالي الانسحاب متى شاءت لكونها دولة مستقلة، ولمواطني الدول الاحتفاظ بجنسية بلدهم، وليست هناك جنسية موحدة للدولة الكونفدرالية، وأخيراً لكل دولة رئيسها.

هذه لمحة بسيطة عن الكونفدرالية لكي لا تختلط الأمور على البعض كما اختلطت على ضيوف الحلقة، فهي تختلف كلياً عن الفدرالية.

إذن المهم في الموضوع وقبل المضي قدماً بالاتحاد لا بد من تشكيل فرق عمل من المختصين والمهنيين لرسم السياسات العامة للهيئات المعنية مع تحديد نقاط القوة والضعف والعمل على تقوية نقاط الضعف لتقريب وجهات النظر، وإجراء الإصلاحات المطلوبة في كل من مجالات التعاون العسكرية والاقتصادية والسياسية والديمقراطية، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية حتى يظهر الاتحاد بالشكل الذي يطمح إليه مواطنو دول مجلس التعاون.

الفكرة العامة للاتحاد قد يتقبلها البعض ويرفضها الآخر، وهذا حق مشروع لكل مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا يعود إلى بعض الفوارق الموجودة على أرض الواقع مثل نوع الممارسة الديمقراطية، ومساحة الحرية، والمستوى الاقتصادي والثقافي بين الأفراد، لذا التشكيك ومد أصابع الاتهام لأي طرف لن يصب في مصلحة الاتحاد الخليجي.

نصيحة: «المزايدة على الوطنية أمر لا يفعله إلا الأقزام فلا تكونوا منهم»... ودمتم سالمين.