مسؤولي جامعة الكويت... عارٌ إن قبلتم
هذه هي المقالة الثالثة لي على التوالي التي تتناول قضية القبول في جامعة الكويت والتعليم العالي، ولو كنت أملك كل صفحات «الجريدة» لجعلت أغلبها يتناول هذه القضية، لأنني مثل الكثيرين الذين يؤمنون بأنه لا مستقبل ولا منعة ولا نهضة ولا تنمية لأي أمة أو شعب بدون تعليم متطور ومميز، ولن أكرر تفاصيل أمثلة اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية وفنلندا وغيرها، لأن الناس حفظوها ورأوا على أرض الواقع إنجازاتها بسبب خططها التعليمية، بينما حكومة دولة الكويت، ممثلة في مجلس وزرائها، لم تشر بكلمة واحدة، صراحة أو تلميحاً في بيانها الرسمي الذي صدر عن اجتماعها الأسبوعي أمس الأول، إلى مشكلة عدم قدرة مرافق الدولة التعليمية الحكومية والخاصة على استيعاب خريجي الثانوية العامة من مستحقي التعليم الجامعي، وكأن الأمر لا يعنيها ولا يشكل قضية خطيرة تمس شباب الكويت!آلاف الأسر الكويتية لم يسعفها مجلس الوزراء بكلمة عن نواياه للتعامل مع القضية التي تعني أبناءهم، بل الخبر الوحيد كان من النائب د. جمعان الحربش المحسوب على الإخوان المسلمين (حدس) وأصحاب امتياز اتحاد طلبة الكويت فرع الجامعة الأبدي. الحربش نقل عن وزير التربية أحمد المليفي أن جامعة الكويت ستزيد أعداد المقبولين إلى 9 آلاف طالب، وهو ما يعني إرغام الجامعة على قبول أعداد إضافية ضخمة لا يمكن استيعابها، وتحويل جامعة الكويت إلى «دكان» لمنح شهادات جامعية دون المستوى المطلوب في عملية تزوير كبرى يجب ألا يشارك فيها أي أكاديمي يحترم مهنته، لأنه بالإمكانيات المتوفرة لجامعة الكويت من هيئة تدريسية ومرافق ومختبرات لن تقدم تعليماً محترماً وخريجين على المستوى المطلوب للطلبة الذين سيتم تكديسهم داخل الجامعة العتيدة.
التاريخ يقول إن الجامعات حول العالم صنعت التغييرات الاجتماعية والإصلاحية والسياسية الكبرى، ولا يمكن أن تشارك جامعة محترمة في تزوير مستقبل أمة كما سيحدث في الكويت، وإذا كانت هناك مواقف شجاعة وتاريخية لأعضاء مجلس جامعة الكويت ومديرها وهيئاتها المختلفة فيجب أن تكون بإعلانهم أنهم لن يغطوا الصفقات والمناورات والقرارات السياسية على حساب التعليم الجامعي والبحث العلمي، ولن يقبلوا قرارات تكديس آلاف الطلبة في ظل شح الهيئة التدريسية ومتطلبات التعليم في جامعة الكويت بسبب قوانين نابعة من حالة انعزالية متشددة، مثل منع التعليم المشترك والتدخل في نوعية الأبحاث التي تطرح أكاديمياً، وهو ما يجب أن يعلنه أيضاً مجلس الجامعات الخاصة الذي تُمارَس على أعضائه ضغوط لقبول مزيد من الطلبة.ما يعمل عليه سياسياً والضغوط التي تمارس نيابياً في قضية القبول بجامعة الكويت إن نجحت، ستحول جامعة الكويت إلى آلة تفريخ شهادات جامعية دون مضمون علمي لأغلبية خريجيها، ولذلك فإن سمعة الجامعة وقيمتها العلمية على المحك، وعليه فإن وقفة تاريخية مطلوبة من رجال الجامعة المخلصين حتى لو خرجوا لإعلان تداعيات ما سيحدث إذا تم تكديس آلاف الطلبة، ويرفضوه، لأن أغلب الطلبة سيتسربون من الجامعة لاحقاً لعدم توفر مرشد علمي يملك الوقت لنصحهم، ولا موقع مناسب ليتلقوا العلم المناسب فيه، ولا شُعب كافية ليتخرجوا في الوقت المناسب، ولذلك فإن انتفاضة الأكاديميين حان أوانها، ودون ذلك فإن ما سيحدث من تدهور لمصداقية وجودة التعليم في جامعة الكويت سيكون عاراً على من سيسكت عليه، ويغطي ألاعيب السياسة التي تدمر الواقع الأكاديمي الكويتي ومعه مستقبل شعب.