أول العمود: 42 هو رقم سنة ميلاد وفترة حكم معمر القذافي، ورقم 69 هو عمره وعام ثورته... مصادفات الأرقام.

Ad

***

تسير الحكومة ممثلة في وزارة الصحة باتجاه إصدار تشريع قانوني بشأن الضمان الصحي يتيح للكويتي الحصول على الخدمة الصحية من منشآت عامة وخاصة، وهو يهدف أيضا إلى فرز مليون ونصف المليون نسمة من الوافدين من مزاحمة المواطنين في المستشفيات والمراكز العلاجية عبر توجيههم إلى مستشفيات أخرى سيتم بناؤها لاحقاً بكلفة 800 مليون دينار بعد نفاذ التشريع.

وسيؤدي مثل هذا النمط من التفكير إلى الإضرار البالغ بكل الجهود التي تقوم بها الحكومة في الخارج لتحسين موقعها في المحافل الإنسانية كالأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية، خصوصاً أنها تتعرض لانتقادات لاذعة على أكثر من صعيد أثناء المراجعات الدورية لتقاريرها في تلك الجهات في ملفات مختلفة، كغير محددي الجنسية (البدون)، وموضوع الاتجار بالبشر، والعمالة المنزلية التي لا يشملها تشريع قانوني رغم تجاوز تعدادهم الى أكثر من 600 ألف نسمة.

وقد تقدمت كل من مجموعة مبادرة الكويت والمجموعة الاستشارية لتطوير الرعاية الصحية، وهما جهتان بحثيتان محايدتان، بتصور شامل للضمان الصحي وبينت فيه انعدام الجدوى الاقتصادية من إنشاء مستشفيات خاصة بالوافدين بعد استثناء العمالة المنزلية والوافدين العاملين في القطاع الأهلى وأصحاب التخصصات النادرة من تلقي العلاج فيها، ليبقي نصف عدد الوافدين الإجمالي تقريباً خارج منظومة التأمين التي تروج لها وزارة الصحة! هذا إضافة إلى إبراز تلك الجهتين للمثالب الدستورية من مخاطر الانزلاق في هذا المشروع، وتعارضه مع مبادئ الارتقاء بالخدمة الصحية الواردة في خطة التنمية 2010- 2014، ومرتكزات تقرير "رؤية الكويت 2030" لفريق توني بلير، الذي حث على 7 نقاط لانتشال الملف الصحي من حال الشلل.

إن انجراف رجل السياسة، راسم السياسات، إلى توجهات الشارع والتأثر بمقولات مزاحمة الوافد للكويتيين على الخدمات العامة ومنها العلاج، يجب ألا يكون الدافع لحل القضية الصحية في الكويت بهذا الشكل التمييزي أو اللاإنساني إن شئنا القول، فعدد الوافدين في الكويت هو من صنع الكويتيين أنفسهم، وإن كان هناك من تذمر من كثرتهم وتأثيرهم السلبي على الأمن والتركيبة السكانية، فإن الحل هنا واضح ويصب في خانة علاج مسألة نظام الكفيل، وجلب الشركات الكبرى للعمالة دون حساب، وتجارة الإقامات. أما إنشاء مستشفيات خاصة بهم فلن يؤدي إلى تطوير الخدمة الصحية لا للوافد أو للكويتي.

فالأجدر إنشاء مستشفيات جديدة تشمل الجميع ضمن تشريع جديد للضمان الصحي يراعي المراقبة والجودة والربحية، فعوضاً عن صرف مبلغ يفوق الـ800 مليون دينار لمشروع تمييزي ضد الأجانب، فالأجدر صرف هذا المبلغ لتطوير الخدمات الصحية عبر بوابة الضمان الصحي للجميع.

أود أخيراً أن أذكّر بأن دولة الكويت وفي يوم الأربعاء الماضي أعلنت عبر ممثلها في الأمم المتحدة أمام الفريق الدولي المعني بالتنفيذ الفعال لإعلان "ديربان" بأنها تقف موقفاً واضحاً ضد التمييز العنصري والديني في ميادين المرأة والعمل والصحة، وأنها صادقت على اتفاقيات دولية عدة بهذا الشأن، لذلك يجب على من يقود تشريع "فرز المستشفيات" أن يعي بأن خطاب الداخل يجب أن يتسق مع خطاب الخارج، ونتمني من اللجنة الصحية في مجلس الأمة أن تعي ذلك بشكل جيد.