منذ بدء الحرب العراقية الإيرانية وانقسام الناس حينذاك بين مؤيد للعراق ومؤيد لإيران نصرة لأي من المذهبين السنّي والشيعي اللذين تمثلهما كل من الدولتين في تلك الحرب، أقول منذ ذلك الحين ونحن مبتلون في الكويت بالطائفية التي تظهر حيناً وتخبو حيناً آخر، حتى جاءت الأحداث الأخيرة في المنطقة ليزداد سعيرها مع إصرار البعض على استيراد أي مشكلة طائفية تحدث بالخارج واستخدامها كورقة انتخابية يستفيد منها دون اكتراث بالخسائر العامة الناتجة عن استخدامها. وقد بلغ الحماس بالقوم ذروته في الآونة الأخيرة، وراح الجميع يتبادل الاتهامات بالتخوين والعمالة لهذه الجهة أو تلك تحت قبة البرلمان، ومن قبل نواب يفترض بهم رجاحة العقل والاتزان باعتبارهم خيار الأمة، غير أن الواقع عكس هذا، فما نراه أنهم الأكثر هياجاً وتحريضاً للعامة لأتفه الأسباب!
وأساس المشكلة بدأ حين سيطر الشعور الطائفي للناخب في بداية الثمانينيات وبدافع من الخوف والتوجس من الآخر لاختيار أئمة المساجد وتحويلهم من وعاظ وخطباء على المنابر إلى سياسيين يمثلون الناس في مجلس الأمة، وبمرور الوقت، أصبح الأمر اعتيادياً وصار لا يخلو أي مجلس للأمة من متشددين سنّة وشيعة يمارسون صراع الديكة في كل جلسة برلمانية أو لقاء تلفزيوني ليشغلوا الناس بتفاهاتهم الطائفية التي يغطون بها فشلهم في أداء الدور الحقيقي للنائب، والمتمثل بسن وتشريع القوانين التي تساهم في تنمية البلد وصنع مستقبله. ولأن الناس في الكويت لا يملون من تكرار أخطائهم، تتكرر الوجوه في كل دورة انتخابية، فمع أن الكويتيين في كل مرة يتذمرون ويلعنون الساعة التي اختاروا فيها نواباً لا يكترثون سوى لمشاكلهم وأولوياتهم، وكل همهم إثارة النعرات الطائفية وإلغاء الآخر، مع ذلك، يعيدون في الانتخابات التالية انتخابهم... وبأصوات أعلى!ولن نتخلص أبداً من هذه الطائفية المقيتة وستستمر إلى الأبد مادمنا نغلب دائماً مصالحنا الشخصية والطائفية على مصلحة وطن يستظل به المواطنون من جميع الطوائف والأعراق، ولن نتخلص من الطائفية مادمنا نصر، في كل مرة يتاح لنا اختيار ممثلينا في البرلمان، على حشر الدين في السياسة وانتخاب مَن هو مكانه المسجد لنضعه في قاعة "عبدالله السالم"، ولن نتخلص من الطائفية مادامت حكومتنا "الكسولة" مقصرة بدورها التوعوي والتنويري للطلبة من خلال المناهج المدرسية التي تزيد حالياً من الطائفية ولا تحاربها، ولا تقوم أجهزتها الرسمية بتوعية الناس بمضار الطائفية وما فعلته بدول من قبلنا عاشت ويلاتها ومآسيها، وقبل هذا وذاك، لن نتخلص منها مادمنا لانزال ننظر إلى الآخر ونقيم مواقفه وآراءه بناءً على انتمائه الديني والمذهبي وليس على أنه إنسان! في دولة الدستور والقانون، لا انتماء إلى المذهب إلا في حدود العقيدة الشخصية، ولا مصلحة للطائفة تفوق مصلحة الوطن أبداً، ومصلحة الوطن هي أن نتسامح ونتعايش ونتكاتف وأن يعذر بعضنا بعضاً في فهمنا للدين، وفي طريق كل منّا أن يربح الآخرة، أما في الدنيا، فلدينا وطن يجمعنا، قوته في اتفاقنا وضعفه في تفرقنا، فلنجعل جميعنا هذا الوطن قوياً اليوم وغداً... وبعد غد!***بعد "الكنائس"، و"الحشمة"، جاء النائب أسامة مناور ليبشرنا بقانون "الحجاب"! بارك الله فيك أخي النائب، وبارك في كل من صوّت لك، لمَ لا تقدم لنا يا عزيزي مشاريع قوانينك "الرائعة" دفعة واحدة، فكلنا شوق لمعرفة تفاصيلها، هل هناك نية لقانون النقاب بعد الحجاب؟ وهل هناك قانون لإعفاء اللحى؟ أو لاستخدام السواك بدل معجون الأسنان؟ هل فكرت في منع المرأة من قيادة السيارة؟ هل ستغلق المسارح والمعارض الفنية والحفلات الغنائية بقانون مستقبلي؟! قدمها لنا دفعة واحدة وارحمنا من المفاجآت يرحمك الله!***النائب عبدالحميد دشتي: تصريحات "الإخوان المسلمين" ضد الإمارات مرفوضة ولا نقبل التطاول على أي دولة خليجية!- القضية بين الإمارات و"الإخوان"، ما شأنك أنت يا سيدي؟! صدقني... لدى الإماراتيين مَن هو أقدر على الدفاع عن حكومته منك ومني، أنت نائب في البرلمان الكويتي، انتخبك الشعب من أجل حل مشاكله لا الدفاع عن الإمارات، هذا مثال بسيط لما ذكرته في المقال عن استيراد المشاكل والتكسب منها انتخابيا... "شربوا"!
مقالات
الطائفية... وأسامة ودشتي!
13-03-2012