تيقن من يقينك!

نشر في 01-03-2012
آخر تحديث 01-03-2012 | 00:01
No Image Caption
 مسفر الدوسري لا تفصح عن يقينك إذا كنت غير واثق بأنه لن يتداعى بالجدل،

أياً كان ما أنت متيقن منه، لا تعلن عنه ما لم تكن على يقين بأنه قادر على الصمود شامخاً أمام كل الحجج، بل وأنه قادر على دحض ما سواه.

إن مجرد الإعلان عن يقين هش، إساءة لهذا اليقين، وفرصة لغمسه في الوحل، ولا يعود قوتاً صالحاً سوى للضالين، ولقطط الشوارع الخلفية في الأحياء المعدمة، وخبزاً سبقك إليه العفن،

إن مجرد البوح بيقين آيل للسقوط خطأ فادح، أما القتال من أجله فهو خطيئة لا تغتفر،

إهدار قطرة دم، أو ذرة كرامة، أو فرصة تسامح من أجل يقين يعاني الكساح، وهشاشة العظام، وفقر الدم لا يقل شأناً عن ارتكاب جريمة عظمى، بل وربما تجاوزها،

جادل من تشاء بما يوسوس لك به عقلك، ولكن لا تجعل وسوسة العقل يقيناً لا يساوره الشك، وسطراً محفوراً في لوح في السماء،

كثير منا يجعل هذه الوسوسة ترتقي إلى مرتبة اليقين، ومنها إلى منزلة الإيمان!

نحتاج كبشر إلى اليقين لتستقر ضمائرنا، إلا أن بعضنا يريد أن يريح ضميره حتى ولو لم يكن متيقناً من يقينه.

تلك طريقة لا يعرف أحد زيفها أكثر ممن اتبعها، فكيف تهنأ ضمائر هؤلاء؟!

كيف يمكنهم أن يتوسدوا أحلامهم ليلاً؟!

كيف يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية مع أطفالهم؟! ألا توخز قلوبهم البراءة التي تطل من أعين أطفالهم؟! أم أن أطفالهم مثلهم لا تحمل نظراتهم الصفاء، ولا قلوبهم النقاء، وأنهم ليسوا كبقية أطفال الدنيا؟!

كيف لمن يحمل يقيناً صُنع من سعف نخلة، واتخذه سوطاً يجلد الناس به، وهو متأكد بأن هذا السعف قابل للاحتراق بلمحة بصر عند أول شرارة جدل، كيف لامرئ كهذا أن يتعايش مع ضميره، وأن يهنأ بحياة خالية السهد؟!

نحكم على الأشياء، ونختار الطرق، ونجرّم أشخاصاً، ونبرئ أشخاصاً، وقد نصادر حرية آخرين وربما حياتهم تحت مظلة يقين ثابت، فلنتخيّل لو أن هذا اليقين قابل للتهاوي أمام دهشة سؤال، فكيف تحتفل الإجابة بيقينها؟!

نزعم أن اليقين مسلكنا إلى الجنة، جنة الدنيا قبل جنة الآخرة، فإذ به يودي بنا إلى قاع الجحيم في الدنيا ومن بعد في الآخرة

اليقين الحق أقوى من الناس،

نحن من نحتاج إليه لتصبح حياتنا أجمل

نحن من نبحث عنه حاملين فوانيسنا ليس في الليل فقط بل وحتى في النهار،

نحن الذين بُحّت أصواتنا في ندائه،

نحن الذين نشعر بالضياع بدونه،

هو لا يحتاجنا في شيء،

عدم استدلالنا عليه لا ينقص من ذاته شيئاً، بينما ذلك يودي بذواتنا نحن،

طالما أن اليقين أقوى من الناس، لماذا يبلغ الغرور في البعض منا قدراً يظن أنه ناصر له، ومدافع عنه، وحام له؟!

أي غرور في هذا الضعف يُشعره بأنه حاملٌ سيفاً للذود عن القوة؟!

هذا الغرور يدعو إلى كثير من الضحك، وقليل من الرثاء!

إن اليقين العاجز عن حماية ذاته عن طريق العقل ليس جديراً بالبقاء، وليس جديراً بأن يتّبع.

back to top